الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1569 1544 - مالك عن هشام بن عروة ، عن أبيه ؛ أنه قال في رجل قذف قوما جماعة : إنه ليس عليه إلا حد واحد .

قال مالك : وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد .


35687 - قال أبو عمر : روى معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : [ ص: 123 ] إذا جاءوا جميعا فحد واحد ، وإن جاءوا متفرقين أخذ لكل إنسان بحده .

35688 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني أبو أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، في الذي يقذف القوم جميعا ، قال : إن كان في كلام واحد ، فحد واحد ، وإن فرق ، فلكل واحد منهم حد ، والسارق مثل ذلك .

35689 - قال عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن هشام ، عن أبيه مثله ، إلى آخره .

35690 - قال أبو عمر : في هذه المسألة للعلماء أقوال :

35691 - ( أحدها ) : أنه ليس على قاذف الجماعة إلا حد واحد ، تفرقوا أو اجتمعوا ؛ وهو قول مالك ، وطاوس ، وعطاء ، والزهري ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، في رواية حماد ، وهو قول الثوري ، وأحمد ، وإسحاق .

35692 - وذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن سليمان الشيباني ، وجابر ، وفراس ، كلهم عن الشعبي في الرجل يقذف القوم جميعا ، قال : إذا فرق ، ضرب لكل إنسان منهم ، وإن جمعهم فحد واحد .

35693 - قال الثوري ، وقال حماد : حد واحد ، جمع أو فرق .

35694 - وعن معمر ، عن الزهري ، قال : إن قذفهم جميعا فحد واحد ، مجتمعين كانوا أو مفترقين ، والآخر : إن قذفهم شتى فلكل واحد منهم حد ، وإن قذفهم جميعا فحد واحد .

[ ص: 124 ] 35695 - والثالث : أن لكل واحد منهم حدا ، سواء كان القذف واحدا ، أو قذف كل واحد منهم منفردا .

35696 - واتفق مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، والليث بن سعد ، أنه إذا قذفهم بقول واحد ، أو أفرد كل واحد منهم فليس عليه إلا حد واحد ، ما لم يحد ، ثم يقذف بعد الحد .

35697 - وقال ابن أبي ليلى : إذا قال لهم : يا زناة ، فعليه حد واحد ، وإن قال لكل واحد منهم : يا زان ، فلكل واحد منهم حد .

35698 - وهو قول الشعبي في رواية ، وقول أحمد أيضا .

35699 - وقال عثمان البتي : إذا قذف جماعة فعليه لكل واحد منهم حد ؛ فإن قال لرجل : زنيت بفلانة . فعليه حد واحد ؛ لأن أبا بكرة وأصحابه ضربهم عمر حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة .

35700 - قال أبو عمر : تناقض البتي في هذه المسألة ، وليس ما احتج به من فعل عمر حجة ؛ لأن المرأة لم تطلب حدها عند عمر ، وإنما الحد لمن طلبه وقام فيه ، وهذا أيضا من فعل عمر يدل على أن حد القذف من حقوق الآدميين ، لا يقول به السلطان إلا أن يطلب المقذوف ذلك عنده .

35701 - وقال الحسن بن حي : إذا قال : من دخل هذه الدار فهو زان ، ضرب لكل من دخلها الحد ، إذا طلب ذلك .

[ ص: 125 ] 35702 - وقال الشافعي ، فيما ذكر عنه المزني : إذا قذف جماعة بكلمة واحدة فلكل واحد منهم حد ، وإن قال يا ابن الزانيين فعليه حدان .

35703 - وقال في أحكام القرآن : إذا قذف امرأته برجل لاعن ، ولم يحد الرجل .

35704 - وفي البويطي عنه مثل قول مالك .

35705 - قال أبو عمر : الحجة لمالك ، ومن قال بقوله ، حديث أنس وغيره ، أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلاعن بينهما ، ولم يحد لشريك ، ولا يختلفون أن من قذف امرأته برجل - فلاعن - لم يحد الرجل .

35706 - ومن حجة من قال : على قاذف الجماعة ، لكل واحد منهم حد ، إجماعهم على أنه لو عفا أحد المقذوفين كان لمن جمعه القذف معه أن يقوم - إن شاء - بحده ، ولو كان حدا واحدا ، لسقط بعفو من عفا ، كما يسقط الدماء .

35707 - ولهم في هذا من القول والاعتلال ما يطول ذكره ، وليس كتابنا هذا بموضع له .

التالي السابق


الخدمات العلمية