الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1595 [ ص: 294 ] ( 4 ) باب تحريم الخمر

1572 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع ؟ فقال : " كل شراب أسكر فهو حرام " .

[ ص: 295 ] قال يحيى بن معين : هذا حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم المسكر .

1573 - مالك عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الغبيراء ؟ فقال : " لا خير فيها " ونهى عنها .

قال مالك : فسألت زيد بن أسلم : ما الغبيراء ؟ فقال : هي الأسكركة .

1574 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها ، حرمها في الآخرة " .


[ ص: 296 ] 36427 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في " التمهيد " مرسل عطاء هذا مسندا من طرق ، وذكرنا حديث صفوان بن محرز ، قال : سمعت أبا موسى يخطب على هذا المنبر ، وهو يقول : ألا إن خمر أهل المدينة البسر والتمر ، وخمر أهل فارس العنب ، وخمر أهل اليمن البتع ، وهو العسل ، وخمر الحبشة الأسكركة ، وهو الأرز .

36428 - قال أبو عمر : قد قيل في الأسكركة : إنه نبيذ الذرة ، والأول أصح إن شاء الله تعالى .

36429 - وما ترجم له مالك - رحمه الله - هذا الباب ، وأورد فيه من الآثار ، يدل على أن الخمر عندهم كل مسكر يكون مما كان ؛ لأنه ترجم الباب بتحريم الخمر ، ثم أدخل حديث البتع ، والبتع شراب العسل ، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم ، وبين أهل اللغة ، ثم أردفه بحديث الأسكركة ، وهو نبيذ الأرز ، ثم أردف ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها ، حرمها في الآخرة " .

36430 - وهذا وعيد شديد جدا ؛ لأن الجنة فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وفيها ما تشتهيه الأنفس ، فمن حرم ذلك فقد عظمت مصيبته ، وقد قيل : إنه لا يدخل الجنة .

[ ص: 297 ] 36431 - وقد بينا معنى هذا القول ، والقائل به في " التمهيد " ، والذي ذهب إليه مالك في المسكر كله ، من أي نوع كان ، أنه هو الخمر المحرمة في القرآن ، والسنة ، والإجماع .

36432 - وهو مذهب أهل الحجاز من الصحابة والتابعين ، وذهب إليه من الفقهاء أئمة الفتوى بالأمصار ؛ مالك ، والليث ، والشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وداود .

36433 - وهو الذي تشهد له الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتشهد به اللغة في معنى الخمر ، وهو الذي لم تعرف الصحابة غيره في حين نزول تحريمها .

36434 - حدثني عبد الله بن محمد ، قال : حدثني حمزة ، قال : حدثني محمد بن شعيب ، قال : حدثني سويد بن نصر ، قال : حدثني عبد الله بن المبارك ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .

[ ص: 298 ] 36435 - هكذا روى الحديث أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم .

36436 - حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدثني محمد بن القاسم بن سفيان ، قال : حدثني أحمد بن شعيب ، قال : حدثني الحسن بن منصور ، قال : حدثني أحمد بن حنبل ، قال حدثني عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثني حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .

36437 - وهكذا روى الليث بن سعد ، وموسى بن عقبة ، وأبو حازم بن دينار ، وأبو معشر ، وإبراهيم الصائغ ، والأجلح ، وعبد الواحد بن قيس ، وأبو الزناد ، ومحمد بن عجلان ، وعبد الله بن عمر العمري ، كلهم عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

36438 - ورواه مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر موقوفا لم يرفعه .

36439 - ورواه عبيد الله بن عمر ، فكان ربما أوقفه ، وربما رفعه .

36440 - والحديث عندنا مرفوع ثابت ، لا يضره تقصير من قصر في رفعه .

[ ص: 299 ] 36441 - وفيه بيان النبي صلى الله عليه وسلم أن كل مسكر خمر ، ويشهد لهذا أيضا حديث أنس من رواية مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه .

36442 - رواه جماعة عن أنس ؛ سنذكرهم إذا ذكرنا الحديث في موضعه ، إن شاء الله عز وجل .

36443 - وقال أنس : كنت أسقي أبا عبيدة ، وأبا طلحة ، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وتمر ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت .

36444 - وروى عيسى بن دينار ، عن ابن القاسم ، عن مالك ، قال : نزل تحريم الخمر ، وما بالمدينة خمر من عنب .

36445 - وروى شعبة ، عن محارب بن دثار ، عن جابر ، قال : حرمت الخمر يوم حرمت ، وما شراب الناس إلا البسر والتمر .

36446 - وروى أبو إسحاق ، عن أبي بردة ، عن عمر قال : الخمر من خمسة ؛ من التمر ، والزبيب ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خمرته .

36447 - قال أبو عمر : الخمر عندهم مشتقة الاسم من مخامرة العقل ، أي من اختلاط العقل ، من قول العرب : دخل في خمار الناس ، أي اختلط بهم .

36448 - ومشتقة أيضا من تغطية العقل ؛ لقولهم : خمرت الإناء غطيته .

36449 - ومشتقة أيضا من تركها حتى تغلي ، وتسكر ، وتزبد ، من قولهم : [ ص: 300 ] تركت العجين حتى اختمر .

36450 - والاسم الشرعي أولى عند العلماء من اللغوي ، وهو الإسكار ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل شراب أسكر فهو حرام ، وما أسكر قليله فكثيره حرام ، وكل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .

36451 - وهذه الألفاظ كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

36452 - واتفق علماء المسلمين أنه لا خلاف في صحة قوله - عليه السلام - : " كل مسكر حرام " ، إلا أنهم اختلفوا في تأويله ؛

36453 - فقال فقهاء الحجاز ، وجماعة أهل الحديث : أراد جنس ما يسكر .

36454 - وقال فقهاء العراق : أراد ما يقع به السكر عندهم ؛ قالوا : كما لا يسمى قاتلا إلا مع وجود القتل .

36455 - وهذا التأويل ترده الآثار الصحاح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن الصحابة الذين هم أهل اللسان .

36456 - وروى الشعبي ، عن ابن عمر ، عن عمر ، أنه قال : إن الخمر حرمت ، وهي من خمسة أشياء ؛ من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خامر العقل .

[ ص: 301 ] 36475 - وروى عكرمة عن ابن عباس ، قال : نزل تحريم الخمر ، وهي الفضيخ .

36458 - وروى ثابت ، عن أنس ، قال : حرمت علينا الخمر - يوم حرمت - وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا ، وعامة خمورنا البسر والتمر .

[ ص: 302 ] 36459 - وروى المختار بن فلفل ، قال : سألت أنس بن مالك عن الأشربة ، فقال : حرمت الخمر ، وهي من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والذرة ، وما خمرته فهو خمر .

36460 - فهؤلاء الصحابة لا خلاف بينهم أن الخمر تكون من غير العنب ، كما تكون من العنب .

36461 - وقد أجمعت الأمة ، ونقلت الكافة عن نبيها صلى الله عليه وسلم تحريم خمر العنب ، قليلها وكثيرها ؛ فكذلك كل ما فعل فعلها من الأشربة كلها .

36462 - قال الشاعر :


لنا خمر ، وليست خمر كرم ولكن من نتاج الباسقات

.

36463 - وأبين شيء في هذا المعنى - مع أنه كله بين ، والحمد لله - قول عمر بن الخطاب ؛ ذكر أن عبيد الله وأصحابه شربوا بالشام شرابا ، وأنا سائل عنه ، فإن كان مسكرا جلدتهم ، ولا حد فيما يشرب إلا في الخمر ، فصح أن المسكر خمر .

36464 - قال أبو عمر : قد ذكرنا " في باب الحد في الخمر " أن المسلمين مجمعون على تحريم خمر العنب ، ووجوب الحد عن شارب قليلها ، وإن كانوا قد اختلفوا في مبلغ حده ، وذكرنا ما حدوه في عصير العنب ، متى يكون خمرا ، وأجمعوا أنه إذا أسكر كثيره فهو خمر .

[ ص: 303 ] 36465 - ومنهم من حده بالغليان .

36466 - ومنهم من حده بالأزباد .

36467 - ومنهم من جعل الحد فيه ؛ يوما وليلة .

36468 - ومنهم من جعله يومين .

36469 - ومنهم من جعله ثلاثة أيام .

36470 - وإذا حملت ذلك فهو معنى متقارب كله ؛ لجمعه أن يكون كثيرها يسكر جنسا ؛ فإذا كان كذلك فهي الخمر التي لا اختلاف في تحريمها ، وفي تكفير مستحلها .

36471 - واختلفوا في النبيذ الصلب الشديد ؛

36472 - فقال مالك : الأمر عندنا ، وفي بعض الموطآت السنة عندنا أن من شرب شرابا يسكر ، فسكر أو لم يسكر ، فقد شرب الخمر ، وقد وجب عليه الحد .

36473 - وقال الأوزاعي : كل مسكر ، وكل مخدر حرام ، والحد واجب على من شرب شيئا منه .

36474 - وقال الشافعي : ما أسكر كثيره ، فقليله حرام ، وفيه الحد .

36475 - فهذا مذهب أهل الحرمين ؛ مكة والمدينة .

36476 - ومذهب أهل الشام ، واليمن ، ومصر ، والمغرب ، وجمهور أهل [ ص: 304 ] الحديث .

- وأما أهل العراق ؛ فروى المعافى ، عن الثوري ، أنه كره نقيع التمر ، ونقيع الزبيب ، إذا غلى .

36478 - قال المعافى : وسئل الثوري عن نقيع العسل ، فقال : لا بأس به .

36479 - قال أبو عمر : إنما خص الثوري - والله أعلم - نقيع الزبيب ، ونقيع التمر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " الخمر من هاتين الشجرتين ؛ النخلة ، والعنبة " .

36480 - وروى أحمد بن يونس ، عن الثوري ، قال : اشرب من النبيذ كما تشرب من الماء .

36481 - وروى بشر بن الوليد ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، قال : الخمر حرام ؛ قليلها ، وكثيرها ، والمسكر من غيرها حرام ، وليس كتحريم الخمر .

36482 - قال : ونقيع الزبيب إذا غلا حرام ، وتحريم الخمر .

36483 - قال : والنبيذ العتيق المطبوخ لا بأس به ، من أي شيء كان ، وإنما يحرم منه القدح الذي يسكر .

36484 - وقال أبو يوسف : من قعد يطلب السكر ، فالقدح الأول عليه حرام ، والمقعد عليه حرام ، والمشي إلى المقعد عليه حرام ، كما أن الزنا عليه حرام ، وكذلك المشي إليه .

36485 - قال : وإن قعد وهو لا يريد السكر ، فلا بأس به .

[ ص: 305 ] 36486 - قال أبو يوسف : ولا بأس بالنقيع من كل شيء - وإن غلا - ما خلا الزبيب ، والتمر .

36487 - وهو قول أبي حنيفة - فيما حكاه محمد - من غير خلاف .

36488 - وقال أبو جعفر الطحاوي ، وروى يحيى بن أبي كثير ، عن أبي كثير السخيمي ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخمر من هاتين الشجرتين ؛ النخلة ، والعنبة " .

36489 - فأخبر عليه السلام أن الخمر منهما ، ففي ذلك نفي أن تكون الخمر من غيرهما .

36490 - قال : واتفقت الأمة على أن عصير العنب ، إذا غلا واشتد ، وقذف بالزبد خمر ، وأن مستحله كافر .

36491 - اختلفوا في نقيع التمر إذا غلا وأسكر ، فدل اختلافهم في ذلك على أن حديث أبي هريرة المذكور ، لم يتلقوه بالقبول والعمل ؛ لأنهم لم يكفروا مستحل نقيع التمر ، كما كفروا مستحل خمر العنب .

36492 - وذكر حديث أبي عون الثقفي ، عن عبد الله بن شداد ، عن ابن عباس ، قال : حرمت الخمر بعينها ؛ قليلها ، وكثيرها ، والمسكر من كل شراب .

[ ص: 306 ] 36493 - قال : فدل هذا على أن غير الخمر لم تحرم بعينها ، كما حرمت الخمر .

36494 - قال أبو عمر : قد تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل مسكر خمر ، وكل ما أسكر فهو حرام ، وأن تحريم الخمر نزل بالمدينة ، وخمرهم كانت يومئذ كانت من التمر ، وفهموا ذلك ، فأهرقوها ، وقد روي أنهم كسروا جرارها .

36495 - وذكرنا قول عمر في جلد ابنه ، أن شرب ما يسكر ، ولم يخص خمر عنب من غيرها ، بل اشترط المسكر .

39496 - وذلك كله يرد ما ذكره الطحاوي .

36497 - وأما اعتلاله بالتكفير فليس بشيء ؛ لأن ما ثبت من جهة الإجماع كفر المخالف له بعد العلم به من جهة أخبار الآحاد ، لم يكفر المخالف فيه .

36498 - ألا ترى أنه لا يكفر القائل بأن أم القرآن جائز الصلاة بغيرها من القرآن ، وجائز تركها في قراءة الصلاة ، ولا من قال : النكاح بغير ولي جائز ، لا يكفر ، ولا من قال : الوضوء بغير نية يجزئ .

36499 - ومثل هذا أكثر من أن يحصى ، ولا يكفر القائل به ، ويعتقد فيه التحريم والتحلل والحدود .

36500 - ألا ترى أنه لا يكفر من قال : لا يقطع سارق في ربع دينار ، مع ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الآحاد العدول .

[ ص: 307 ] 36501 - ومثل هذا كثير ، ولا يمتنع أحد من أهل العلم من أن يحرم ما قام له الدليل على تحريمه من كتاب الله عز وجل ، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان غيره يخالفه في ذلك ، دليل استدل به ، ووجه من العلم ذهب إليه ، وليس في شيء من هذا تكفير ولا خروج من الدين ، وإنما فيه الخطأ والصواب ، والله عز وجل يوفق من يشاء برحمته .

36502 - وقد شرب النبيذ الصلب جماعة من العلماء التابعين ، ومن بعدهم بالعراق ؛ لأنه لا يحرم عندهم منه إلا المسكر .

36503 - ورووا بما ذهبوا إليه آثارا عن عمر ، وغيره من السلف ، إلا أن آثار أهل الحجاز في تحريم المسكر أصح مخرجا ، وأكثر تواترا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه ، وبالله التوفيق ، لا شريك له .

36504 - وروينا عن هشام بن حسان ، قال : سمعت محمد بن سيرين ، يقول : ما أعجب أمر هؤلاء ؟ ! يعني أهل الكوفة ؛ لقد لقيت من أصحاب عبد الله : علقمة ، وشريحا ، ومسروقا ، وعبيدة ، فلم أرهم يشربون نبيذ الخمر ، فلا أدري أين غاص هؤلاء على هذا الحديث .

36505 - قال أبو عمر : هذا يصحح قول أبي عبد الرحمن النسائي - رحمه الله - حيث قال : أول من أحل المسكر إبراهيم النخعي .

36506 - وأما حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه [ ص: 308 ] قال : " من شرب الخمر في الدنيا ، ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة " ، فحديث ثابت صحيح الإسناد ، لا مقال فيه ؛ لأن أهل العلم ينكرون على من أنفذ فيه الوعيد ، ويجعلونه إن مات قبل التوبة منها في المشيئة ، وقد جاء فيه تغليظ كثير ، كرهت ذكره ، وأحقه وأصحه ما روى شعبة ، عن زبيد ، عن خيثمة ، أنه سمعه يقول : كنت قاعدا عند عبد الله بن عمر ، فذكر الكبائر ، حتى ذكر الخمر ، فكأن رجلا تهاون بها ، فقال عبد الله بن عمر : لا يشربها رجل مصبحا إلا ظل مشركا حتى يمسي .

36507 - قال أبو عمر : لم يختلفوا أنه إذا شربها مستحلا أنه كالمشرك ، وقد قرنها الله عز وجل بالأنصاب المعبودة من دون الله .

36508 - وروينا عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : أول ما يكفأ الإسلام على وجهه ، كما يكفأ الإناء : الخمر .

36509 - وروى ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن النعمان بن أبي عياش ، قال : أرسلنا إلى عبد الله بن عمر نسأله : أي الكبائر أكبر ؟ قال : الخمر ، فأعدنا إليه الرسول : فقال : الخمر ؛ من شربها ، لم تقبل منه صلاة سبعا ، فإن سكر لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، وإن مات فيها مات ميتة جاهلية .

36510 - وذكره أبو بكر ، عن ابن عيينة ، وفي الحديث الأول ، قال : حدثني [ ص: 309 ] شبابة ، قال : حدثني شعبة .

36511 - وهذان إسنادان لا يختلف أهل العلم بالحديث في صحتهما .

36512 - ومثلهما في الحديث المرفوع ، ما ذكره أبو بكر أيضا ؛ قال : حدثني يزيد بن هارون ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يسرق السارق - حين يسرق - وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني - حين يزني - وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر - حين يشربها - وهو مؤمن " .

[ ص: 310 ] 36513 - قال : وحدثني يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية