الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1604 1583 - مالك عن يحيى بن سعيد ، أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان : أنه أتي بمجنون قتل رجلا ، فكتب إليه معاوية : أن اعقله ولا تقد منه : فإنه ليس على مجنون قود .


36711 - قال أبو عمر : قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع القصاص عن المجنون إذا كان مطبقا لا يفيق ما فيه رجاء من الشفاء .

36711 م - حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني حمدون بن أحمد بن سلمة ، قال : حدثني شيبان بن يحيى بن فروخ ، قال : حدثني حماد بن سلمة ، قال : حدثني حماد بن أبي سليمان ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رفع القلم عن ثلاث ، عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الغلام حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق " .

36712 - وأجمع العلماء أن ما جناه المجنون في حال جنونه هدر ، وأنه لا قود عليه في ما يجني ، فإن كان يفيق أحيانا ، ويغيب أحيانا ، فما جناه في حال إفاقته فعليه فيه ما على غيره من البالغين غير المجانين .

[ ص: 32 ] 36713 - وأجمع العلماء ، أن الغلام والنائم ، لا يسقط عنهما ما أتلفاه من الأموال ، وإنما يسقط عنهم الإثم .

36714 - وأما الأموال ، فتضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد .

36715 - والمجنون عند أكثر العلماء مثلهما ، فدل ذلك على أن الحديث ، وإن كان عام المخرج ، فإنه مخصوص بما وصفنا .

36716 - روى معمر ، عن الزهري ، قال : مضت السنة ، أن عمد الصبي والمجنون خطأ .

36717 - قاله معمر ، وقاله قتادة أيضا .

36718 - قال معمر : وقال الزهري ، وقتادة : إن كان المجنون لا يعقل ، فقتل إنسانا ، فالدية على العاقلة ، لأن عمده خطأ ، وإن كان يعقل ، فالقود .

36719 - وقاله الشعبي ، وإبراهيم النخعي ، والحسن البصري .

36720 - وروي ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من حديث حسين بن عبد الله بن ضمرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، والإسناد ليس بقوي .

36721 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمر بن عبد العزيز ، أنه جعل جناية المجنون على العاقلة .

[ ص: 33 ] 36722 - قال : وحدثني حفص ، عن أشعث ، عن الشعبي ، قال : ما أصاب المجنون في حال جنونه ، فعلى عاقلته ، وما أصاب في حال إفاقته ، أقيد منه .

36723 - قال أبو عمر : على هذا مذهب مالك ، وأبي حنيفة وأصحابهما ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، في قتل الصبي عمدا أو خطأ ، أنه كله خطأ ، تحمل منه العاقلة ما تحمل من خطأ الكبير .

36724 - وقال الشافعي : عمد الصبي في ماله .

36725 - قال أبو عمر : يحتج لقول الشافعي ، بما قاله ابن عباس ، وغيره : العاقلة لا تحمل عمدا ، يريدون العمد الذي لا قود فيه ، كعمد الصبي ، وما أشبهه ، مما لا قصاص فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية