الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1605 [ ص: 36 ] ( 4 ) باب دية الخطأ في القتل .

1584 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار ، أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على إصبع رجل من جهينة ، فنزي منها فمات ، فقال عمر بن الخطاب للذي ادعي عليهم : أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها ؟ فأبوا وتحرجوا ، وقال للآخرين : أتحلفون أنتم ؟ فأبوا ، فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين . قال مالك : وليس العمل على هذا .


36744 - قال أبو عمر : إنما قال مالك ، في هذا الحديث : إن العمل ليس عنده عليه ، لأن فيه تبدئة المدعي عليه بالدم بالأيمان ، وذلك خلاف السنة التي رواها وذكرها في كتابه " الموطأ " في الحادثين من الأنصار المدعين على يهود خيبر قتل وليهم ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ المدعين الحادثين بالأيمان في ذلك ، وسنبين اختلاف الآثار ، واختلاف علماء الأمصار ، فيمن يبدأ بالقسامة بالأيمان ، في كتاب القسامة ، مع سائر أحكام القسامة ، إن شاء الله تعالى .

36745 - وفي حديث عمر أيضا ، أنه قضى بشطر الدية على السعديين ، وذلك أيضا خلاف السنة المذكورة في حديث الحارثيين ، لأنه لم يقض فيها رسول الله [ ص: 37 ] - صلى الله عليه وسلم - على أحد بشيء ، إذ أبى المدعون والمدعى عليهم من الأيمان ، وتبرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية كلها من قبل نفسه ، لئلا يكون ذلك الدم باطلا ، والله أعلم .

36746 - وفي قوله تعالى : ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) [ النساء : 92 ] ما يغني عن حديث عمر وغيره .

36747 - وأجمع العلماء ، أن دية الخطأ في النفس ، حكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاقلة القاتل مائة من الإبل ، وجعلها عمر على أهل الذهب والورق ، كما تقدم ذكره عنه من اختلاف الرواية .

36748 - ولم يختلف أنها على العاقلة في ثلاث سنين .

36749 - واختلفوا في أسنان الإبل فيها ، على ما نورده في هذا الباب ، إن شاء الله عز وجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية