الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1612 [ ص: 116 ] ( 10 ) باب ما جاء في عقل الشجاج . 1599 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أنه سمع سليمان بن يسار [ ص: 117 ] [ ص: 118 ] يذكر : أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس ، إلا أن تعيب الوجه فيزاد في عقلها ، ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس .

[ ص: 119 ] فيكون فيها خمسة وسبعون دينارا .


37206 - قال أبو عمر : روي هذا الخبر عن يحيى بن سعيد ، كما رواه مالك سواء .

37207 - عبد الملك بن جريج ، ويحيى بن سعيد القطان ، وجمهور العلماء ، على أن الموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس دون الجسد .

37208 - وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهم ، إلا أن مالكا قال : لا تكون الموضحة إلا في حجبة الرأس ، والجبهة ، والخدين ، واللحي الأعلى ، ولا تكون في اللحي الأسفل ، لأنه في حكم العنق ، ولا في الأنف ، لأنه عظم منفرد .

37209 - وأما الشافعي ، والكوفيون ، فالموضحة عندهم في جميع الوجه ، والرأس .

37210 - والأنف عندهم من الوجه .

37211 - وكذلك اللحي الأسفل من الرأس .

37212 - وذكروا من قول ابن عمر : ما فوق الذقن من الرأس ، ولا [ ص: 120 ] يخمره المحرم .

37213 - وقالوا : أراد بقوله الذقن وما فوقه ، كما قال الله عز وجل : ( فاضربوا فوق الأعناق ) [ الأنفال : 12 ] .

37214 - ومعنى الموضحة عند جماعة العلماء ، ما أوضح العظم من الشجاج ، فإذا ظهر من العظم شيء ، قال أو كثر ، فهي موضحة .

37215 - وقال الليث بن سعد ، وطائفة : تكون الموضحة ، في الجسد ، فإذا كشفت عن العظم ، ففيها أرشها .

37216 - وقال الأوزاعي : الموضحة في الوجه والرأس سواء ، وجراحات الجسد على النصف من ذلك .

370217 - قال أبو عمر : جعل الليث جراحة الجسد إذا وضحت عن العظم كموضحة الرأس .

37218 - وجعل الأوزاعي موضحة الجسد مؤقتة أيضا بنصف أرش موضحة الرأس .

37219 - واتفق مالك ، والشافعي ، وأصحابهما أن جراح الجسد ، ليس فيها شيء مؤقت جاءت به السنة ، وإنما في ذلك الاجتهاد في الحكومة .

37220 - وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل في موضحة الجسد نصف دية العضو الذي تقع فيه الموضحة ، فإن كانت في الأصبع ، فيها [ ص: 121 ] نصف عشر دية الأصبع ، وكذلك لو كانت في اليد ، أو في الرجل .

37221 - قال أبو عمر : الموضحة في الوجه والرأس مجتمع عليها ، [ يشهد ] الكافة من العلماء ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت فيها نصف عشر الدية ، وأجمعوا على ذلك .

37222 - وروي من نقل الآحاد العدول مثله .

37223 - وإنما اختلفوا في موضحة الجسد ، وما ذكرنا عن مالك ، في موضحة الأنف واللحي الأسفل .

37224 - حدثني سعيد بن نصر ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد بن وضاح ، قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني يزيد بن هارون ، قال : حدثني حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في الموضحة خمس " ، يعني من الإبل ، وعلى أهل الذهب خمسون دينارا ، وعلى أهل الورق نصف عشر الدية .

37225 - وقد ذكرنا اختلاف أهل الحجاز ، وأهل العراق ، في مبلغ الدية من الورق فيما تقدم .

[ ص: 122 ] 37226 - قال أبو عمر : يقولون : إن جراحات الجسد لا تسمى شجاجا ، وإنما يقال لها : جراح ، وأن ما في الرأس ، والوجه ، يقال لها : شجة . ولا يقال لها : جراحة .

37227 - وأما قول سليمان بن يسار : " إلا أن تغيب الموضحة في الوجه ، فيزاد في عقلها ما بينها وبين نصف عقل الموضحة في الرأس ، فيكون فيها خمسة وسبعون دينارا .

37228 - فذكر ابن حبيب ، في تفسير " الموطأ " قال : اختلف قول مالك ، في موضحة الوجه ، تبرأ على شيئين ، فمرة قال بقول سلمان بن يسار ، ومرة قال : لا يزاد فيها على عقلها ، وإن برئت على شيئين .

37229 - واختاره ابن حبيب .

37230 - قال أبو عمر : وقد روي عن مالك ، أنه يجتهد في شينها للوجه ، ويحكم في ذلك بغير توقيت .

37231 - وقال الشافعي : لا يزاد في الموضحة على أرشها المسنون ، شانت الوجه أولم تشنه ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض أرشها ، ولم يفرق - عليه السلام - بين ما يشين ، وما لا يشين .

التالي السابق


الخدمات العلمية