الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
37799 - قال مالك ، في الصبي يأمره الرجل ينزل في البئر ، أو يرقى في النخلة ، فيهلك في ذلك : أن الذي أمره ضامن لما أصابه من هلاك أو غيره .


37800 - قال أبو عمر : قد روى ابن القاسم ، عن مالك ، قال : إذا حمل [ ص: 218 ] صبيا على دابة ، ليسقيها أو يمسكها ، فأصابت الدابة رجلا ، وطئته فقتلته ، فالدية على عاقلة الصبي ، ولا ترجع على عاقلة الرجل .

37801 - وهذا يدل على أنه لا يضمن الصبي لو هلك ، لأنه لو ضمنه لرجع عليه .

37802 - وقال الشافعي : لو صاح بصبي ، أو معتوه ، فسقط من صيحته ، ضمن .

37803 - وقاله عطاء . وزاد : وما أرى الكبير إلا كذلك .

37804 - وقال الثوري : إذا أرسل رجل صبيا في حاجة ، فجنى الصبي ، فليس على المرسل شيء ، وهو على الصبي ولو أرسل مملوكا ، فجنى جناية ، فهي على المرسل .

37805 - وروى المعافى ، عن الثوري : من أرسل أجيرا صغيرا في حاجة ، فأكله الذئب ، فلا شيء عليه ، وإن استعمل أجيرا في عمل شديد ، فمات منه ، فإن كان صغيرا ، ضمن ، وإن كان كبيرا ، فلا شيء عليه .

37806 - وقال الحسن بن حي : لا أرى بأسا أن يستعمل الرجل مملوكا لغيره ، يقول : اسقني ماء وناولني وضوءا ، والصبي كذلك ، وإن كان عنت في ذلك ، ضمن .

37807 - قال أبو عمر : الذي أرى في هذا كله ، وما كان مثله ، أن [ ص: 219 ] العاقلة تحمله ، إن كان مقدارا تحمله العاقلة ، لأنه لا مباشرة فيه للفاعل ، ولم يكن فيه إلى ذهاب النفس قصد ، ولا عمد ، وإنما هو السبب ، والسبب مختلف فيه .

37808 - وقد مضى ما في هذا المعنى للعلماء - والحمد لله كثيرا .

37809 - وأما مسألة الفارسين ، يصطدمان ، فيموتان ، فقال مالك ، والأوزاعي ، والحسن بن حي ، وأبو حنيفة وأصحابه : على كل واحد منهما دية الآخر على عاقلته .

37810 - وقال ابن خواز بنداد : وكذلك عندنا السفينتان تصطدمان إذا لم يكن للنوتي صرف السفينة ، ولا الفارس صرف الفرس .

37811 - وقال عثمان البتي ، وزفر ، والشعبي ، في الفارسين إذا اصطدما ، فماتا ، على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ، لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه .

37812 - وروي عن مالك ، في السفينتين ، والفارسين ، على كل واحد منها الضمان بقيمة ما أتلف لصاحبه كاملا .

التالي السابق


الخدمات العلمية