الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
222 [ ص: 394 ] 193 - وأما حديثه في هذا الباب عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائطه ، فطار دبسي ، فطفق يتردد يلتمس مخرجا ، فأعجبه ذلك ، فجعل يتبعه بصره ساعة ، ثم رجع إلى صلاته ، فإذا هو لا يدري كم صلى ، فقال : لقد أصابتني في مالي هذا فتنة .


5597 - وذكر تمام الخبر . فإن من لم يدر كم صلى لشغل شغل نفسه ، أو لما شاء الله من نحو ذلك - فإن السنة قد أحكمت فيه أن يبني على يقينه ، على ما تقدم في حديث أبي سعيد وغيره .

5598 - وفي هذا الحديث دليل على ما كان عليه أبو طلحة من خوف الله والبدار إلى طاعته .

5599 - ولن يتقرب إلى الله بعد الفرائض بمثل الصدقات ، فإنها تطفئ غضب الله ، وتصرف من مصارع السوء - إن شاء الله - .

5600 - وأما قوله : لقد أصابني في مالي هذا فتنة ، فإن الفتنة هنا ما بلغ به من شغل نفسه حتى لم يدر كم صلى .

[ ص: 395 ] 5601 - وكل من أصابته مصيبة في دينه فقد فتن على قدر تلك المصيبة ، وللفتنة في اللغة والشريعة وجوه قد ذكرتها في التمهيد .

5602 - وفيه دليل أن ما جعل الله مطلقا ، ولم يعين السبيل من سبل الله ما هي - أن الإمام والحاكم يضعها حيث رآه من سبل البر ووجوه الخير ، وينفذ بلفظ الصدقة لله .

5603 - ولذلك قال أهل العلم : إن الصدقة لا رجوع فيها ; لأنها لله .

5604 - وليس لفظ الهبة ولا العطية ولا المنحة كذلك .

5605 - وقالوا في الدبسي : إنه طائر يشبه اليمامة ، وقد قيل : إنه اليمامة نفسها .

5606 - وقوله : طفق يتردد كقوله : جعل يتردد ، وفيه لغتان : طفق يطفق ، وطفق يطفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية