الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1638 [ ص: 19 ] ( 2 ) باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها

1637 - مالك ، عن قطن بن وهب بن عمير بن الأجدع أن يحنس مولى الزبير بن العوام أخبره أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه ، فقالت : إني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن ، اشتد علينا الزمان ، فقال لها عبد الله بن عمر : اقعدي لكع ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة " .


38539 - قال أبو عمر : إنما شكت مولاة ابن عمر إليه حالها في معيشتها ، وعرضت له بالمسألة رجاء رفده فكره أن يفتخر عند جلسائه بالقيام بها ، فذكر لها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره ، وفهمت عنه ، فقعدت . والله تعالى أعلم .

38540 - وقوله - عليه السلام - : لا يصبر على لأوائها وشدتها . . " الحديث ، خرج على فقراء المهاجرين الذين كانوا يلزمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شبع بطونهم ، وعلى أقل من الشبع ، ومعلوم أن من أقام معه - عليه السلام - حتى يظهر أمر الله - عز وجل - جدير بأن ينال شفاعته وشهادته له يوم القيامة ، بمؤازرته والرضا بالدون من العيش لصحبته .

38541 - وللمدينة بهذا الحديث وما كان مثله فضل عظيم .

[ ص: 20 ] 38543 - ولا خلاف بين علماء الأمة في فضلها ، وأنها أفضل بقاع الأرض ، إلا مكة فإنهم اختلفوا في الأفضل منهما ، على ما ذكرناه في باب الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الصلاة ، فلا وجه لإعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية