الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1643 1642 - مالك ، عن ابن حماس ، عن عمه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لتتركن المدينة على أحسن ما كانت ، حتى يدخل الكلب [ ص: 29 ] أو الذئب فيغذي على بعض سواري المسجد ، أو على المنبر " فقالوا : يا رسول الله ، فلمن تكون الثمار ذلك الزمان ؟ قال : " للعوافي الطير والسباع " .


38574 - قال أبو عمر : اختلف عن مالك في اسم ابن حماس هذا فقيل : يوسف بن يونس ، وقيل : يونس بن يوسف ، وقيل : إن يونس بن يوسف غير ابن حماس هذا ، والله أعلم .

38575 - وقد روى هذا الحديث جماعة عن مالك ، عن ابن حماس هكذا غير منسوب ولا مسمى ، كما روى يحيى .

38576 - وقد ذكرنا من روى عن مالك كل ذلك من أصحابه رواة " الموطأ " في " التمهيد " .

38577 - وليس هذا الإسناد عندهم بالبين ، ولم يحتج به مالك في حكم دم ولا فرج ولا مال ، وذكر أنه كان فاضلا عابدا مجاب الدعوة .

38578 - وفي حديث هذا الباب إخبار عن غيب يكون ، فكان كما قال - صلى الله عليه وسلم - ومعنى يغذي أي : يبول . وقوله : " أو على المنبر " . شك من المحدث .

[ ص: 30 ] 38579 - وأما قوله : " العوافي " . وتفسيره له بالطير والسباع ، فكان كما قال عند أهل العلم بلسان العرب .

38580 - ويشهد لذلك حديث أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من مسلم يحيي أرضا ، فتصيب منها عافية أو يشرب منها كبد إلا كتب الله - عز وجل - له بذلك أجرا " .

38581 - والعافية واحد العوافي ، والعافي : " الطالب للحاجة ، وجمعه عوافي وعفاة .

38582 - قال الأعشى :


يطوف العفاة بأبوابه كطواف النصارى ببيت الوثن

38583 - وقال أعرابي لخالد بن عبد الله بن يزيد القسري أيضا :


أخالد إني لم أزرك لحاجة     سوى أنني عاف وأنت جواد
أخالد بين الأجر والحمد حاجتي     فأيهما تأتي فأنت عماد



38584 - وقد ذكرنا في " التمهيد " حديثين حسنين من حديث أبي ذر [ ص: 31 ] وحديث أبي هريرة ، في معنى حديث ابن حماس هذا ، والحمد لله كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية