الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1685 [ ص: 153 ] 1686 - مالك ، عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تصافحوا يذهب الغل ، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء " .


39039 - قال أبو عمر : في المصافحة أحاديث حسان ، ذكرنا كثيرا منها في " التمهيد " منها :

39040 - ما حدثنا خلف بن قاسم قال : حدثني أبو طالب محمد بن زكريا المقدسي قال : حدثني جعفر بن محمد بن حماد قال : حدثني آدم بن أبي إياس قال : حدثني سليمان بن حيان قال : حدثني الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مسلمين يلتقيان ، فيتصافحان ، إلا غفر لهما قبل أن يفترقا " .

39041 - وروينا عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا إذا التقوا تصافحوا .

39042 - وقال الأسود ، وعلقمة : من تمام التحية المصافحة .

39043 - وسئل الحسن البصري ، عن المصافحة ، فقال : تزيد في المودة .

[ ص: 154 ] 39044 - وروى ابن وهب ، عن مالك أنه كره المصافحة والمعانقة .

39045 - وكان سحنون يروي هذه الرواية ، ويذهب إليها ، وقد روي عن مالك خلاف ذلك من جواز المصافحة ، وهو الذي عليه معنى " الموطأ " .

39046 - وعلى جواز المصافحة جماعة العلماء من السلف والخلف ما أعلم بينهم في ذلك خلافا ، إلا ما وصفت لك ، ولا يصح عن مالك إلا كراهة الالتزام والمعانقة فإنه لم يعرف ذلك من عمل الناس عندهم ، وأما المصافحة فلا .

39047 - وأما الغل فهو العداوة والحقد .

39048 - وأما قوله عليه السلام : " تهادوا تحابوا " فقد روي مسندا .

39049 - حدثني عبد الوارث قال : حدثني قاسم قال : حدثني أحمد بن زهير قال : حدثني محمد بن بكر الحضرمي قال : حدثني ضمام بن إسماعيل ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تهادوا تحابوا " .

39050 - ورواه يحيى بن معين ، عن أبي بكر ، عن ضمام ، بإسناده مثله .

39051 - وقد ذكرنا في " التمهيد " آثارا في هذا المعنى كثيرة جدا ، وفي [ ص: 155 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة ، كان يهدي إلى أصحابه وغيرهم ، وكان يقبل الهدية ويثيب عليها ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لو أهدي إلي كراع لقبلت ، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت " .

39052 - فالهدية بما وصفنا سنة إلا أنها غير واجبة لأن العلة فيها استجلاب المودة ، وسل سخيمة الصدر ووجده وحقده وغله لتعود العداوة محبة والبغضة مودة .

39053 - وهذا مما تكاد الفطرة تشهد به لأن النفوس جبلت عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية