الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1739 1741 - مالك ، عن يحيى بن سعيد أنه قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : جاء رجل إلى عبد الله بن عباس فقال له : إن لي يتيما ، وله إبل ، أفأشرب من لبن إبله ؟ فقال ابن عباس : إن كنت تبغي ضالة إبله ، وتهنأ جرباها ، وتلط حوضها ، وتسقيها يوم وردها ، فاشرب غير مضر [ ص: 339 ] بنسل ولا ناهك في الحلب .


39863 - قال أبو عمر : يحيى بن سعيد أحسن سياقة لهذا الخبر من الزهري .

398664 - رواه معمر وغيره عن الزهري ، عن القاسم بن محمد قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : إن في حجري يتامى ، وأموالهم عندي ، وهو يستأذنه أن يشرب من ألبانه ، وأن يصيب منها ، فقال : ألست تلط حوضها ، وتبتغي ضالتها ، وتهنأ جرباها ؟ قال : بلى قال : فأصب من رسلها . يعني لبنها .

39865 - ورواه سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، ويحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن ابن عباس ، فذكره .

39866 - قال : وزاد عبد الرحمن : " فاشرب من فضل الدر " .

39867 - قال سفيان : وحدثني ابن نجيح قال : قال لي القاسم بن محمد : ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس هذه في اليتيم ، إلا أن يكون حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 340 ] 39868 - وقال سفيان ، عن عمرو ، عن الحسن قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : في حجري يتيم ، وله مال ، أفآكل من ماله ؟ قال : " نعم ، بالمعروف ، غير متأثل مالا ، ولا واق مالك بماله " . قال : أفأضربه ؟ قال : " مما كنت منه ضاربا منه ولدك " .

39869 - واختلف أهل العلم في ما يحل لوالي اليتيم من ماله ، بعد إجماعهم أن أكل مال اليتيم ظلما من الكبائر قال الله عز وجل : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) [ النساء : 10 ] ، وقال تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده [ الإسراء : 34 ] وقال : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف [ النساء : 6 ] .

39870 - فقيل الغني لا يحل له أكل شيء من مال اليتيم .

39871 - وقيل : بل له أن يأكل منه بمقدار قيامه عليه وخدمته له ، وانتفاع اليتيم به في حسن نظره له .

39872 - وهذا يشبه قول ابن عباس المذكور .

39873 - وقد قيل يستقرض من ماله ، فإن أيسر رده .

[ ص: 341 ] 39874 - وقال بهذه الأقوال جماعة من علماء السلف ، وليس هذا موضع تقصي القول في ذلك .

39875 - وأما قوله في حديث مالك : " تبغي ضالتها " يعني تطلب ما ضل منها وما شرد حتى تصرفه .

39876 - وقوله تهنأ جرباها فالهنأ طلاء القطران ، يعني تطلي جرباها بالقطران .

39877 - 0 قال دريد بن الصمة في الخنساء ، ونظر إليها وهي تهنأ الجربى من إبلها :


ما إن رأيت ولا سمعت به [ كاليوم ] هانئ أينق جرب     متبدلا تبدو محاسنه
يصنع الهنأ مواضع النقب



وقال إبراهيم بن هرمة :


لست بذي قلة مؤثلة     أقط ألبانها وأسلؤها
لكنني قد علمت ذو إبل     أحسبها للقرى وأهنؤها

39878 - وقوله : " وتلط حوضها " . وقد روي : وتلوط حوضها أي تصلح [ ص: 342 ] الحوض ، وتسد المواضع التي يخرج منها الماء .

39879 - قال الشاعر :


وليطت حياض الموت وسط العشائر

39880 - وقوله : " وتسقيها يوم وردها " يعني يوم ترد الماء لتشرب .

39881 - وقوله : غير مضر بنسل . يعني لا يكون شريكا مضرا بالأولاد ، ينهاه عن السرف لأنه إذا سرف أضر بفصلانها .

39882 - والحلب بتحريك اللام ، اللبن نفسه .

39883 - والحلب بتسكين اللام مصدر حلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية