الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1765 1769 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ; أنه سمع معاوية بن أبي سفيان ، عام حج ، وهو على المنبر ، وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول : يا أهل المدينة ، أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذه ، ويقول : " إنما هلكت بنو [ ص: 67 ] إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم " .


40236 - قال أبو عمر : قد ذكرنا ما في هذا الحديث من المعاني والوجوه التي يمكن استنباطها من ألفاظه في " التمهيد " .

40237 - وأما الظاهر من معناه ، فهو النهي ، عن أن تصل المرأة شعرها بشعر غيرها .

40238 - وفي هذا المعنى جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " ، والواصلة هي الفاعلة ، والمستوصلة الطالبة أن يفعل ذلك بها .

40239 - حدثني أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثني عبيد الله بن محمد ، قال : حدثني البغوي ، قال : حدثني علي بن الجعد ، قال : حدثني شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت الحسن بن مسلم بن يناق ، يحدث عن صفية بنت شيبة ، عن عائشة ، قالت ، تزوجت صبية من الأنصار ، فمرضت وتمرط شعرها ، فأرادوا أن [ ص: 68 ] يصلوا فيه ، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلعن الواصلة والمستوصلة .

40240 - وروي عن ابن سيرين ، أنه سأله رجل ، فقال : إن أمي كانت تمشط النساء ، أترى لي أن آكل من مالها ؟ وأرثه عنها ؟ فقال : إن كانت لا تصل فلا بأس .

40241 - قال أبو عمر : فإذا كان هذا لضرورة ، فلا يحل ، فكيف به من غير ضرورة .

40242 - ولهذا الحديث طرق قد ذكرت بعضها في " التمهيد " .

40243 - وفي هذا الحديث تقريع وتوبيخ من معاوية لأهل المدينة .

40244 - وقد احتج به بعض من لا يرى عمل أهل المدينة حجة ; لأن ظاهره أن أهل المدينة لم يغيروا ذلك المنكر ، أو جهلوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية