الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1788 [ ص: 134 ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

53 - كتاب السلام

( 1 ) باب العمل في السلام

1794 - مالك ، عن زيد بن أسلم ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يسلم الراكب على الماشي ، وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم " .


40513 - قال أبو عمر : قد روي هذا المعنى بإسناد متصل من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلا أن من أهل العلم من ينكره ، ويضعف إسناده .

40514 - حدثني خلف بن قاسم ، قال : حدثني الحسن بن رشيق ، قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثني عبد الأعلى بن حماد ، قال : حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قال : حدثني سعيد بن خالد ، قال : حدثني عبد الله بن الفضل ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يجزئ من الجماعة إذا مرت ; أن يسلم أحدهم ، ويجزئ من القعود ، أن يرد أحدهم " .

[ ص: 135 ] 40515 - وقد روي من حديث زيد بن أسلم بهذا اللفظ .

40516 - حدثنيه عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني ابن وضاح ، قال : حدثني يوسف بن عدي ، قال : حدثني عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مر القوم على المجلس فسلم منهم رجل ، أجزأ ذلك عنهم ، وإذا رد من أهل المجلس رجل ، أجزأ ذلك عنهم " .

40517 - قال أبو عمر : معنى قوله في الابتداء " أجزأ ذلك عنهم " ; يعني أجزأ ذلك من السنة المندوب إليها ، كما يقال : من أتى الوليمة وهو صائم ، أجزأه التبرك والدعاء .

40518 - وإنما قلنا هذا ; لإجماع العلماء على أن الابتداء سنة ، وأن الرد فرض ; لقول الله عز وجل " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها [ النساء : 86 ] .

40519 - وأما اختلاف الفقهاء في هذا الباب .

40520 - فقال مالك ، والشافعي وأصحابهما ، وهو قول أهل المدينة : إذا سلم رجل على جماعة من الرجال ، فرد عليه واحد منهم ، أجزأ هو عنهم .

40521 - وشبهه الشافعي بصلاة الجماعة ، والتفقه في دين الله ، وغسل الموتى ودفنهم والصلاة عليهم ، والخروج إلى أرض العدو لدعائهم إلى الإسلام ، وقتالهم [ ص: 136 ] عليه ، قال : فهذه فروض كلها على الكفاية ، لا يحل الاجتماع على تضييعها ; ومنه تشميت العاطس .

40522 - قال أبو عمر : حديث زيد بن أسلم هذا ; يدل على أن هذا الفرض لا يتعين على كل الجماعة الذين سلم عليهم ، وأنه إذا قام برد التحية واحد منهم ، أجزأ عنهم .

40523 - وقال الطحاوي : كان أبو يوسف ينكر الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا رد السلام بعض القوم ، أجزأ عن جميعهم " ، وقال : لا يجزئ إلا أن يردوا جميعا .

40524 - وقال الطحاوي : رد السلام من الفرائض المتعينة على كل إنسان بنفسه ، لا ينوبه فيها عنه غيره لا من الفروض التي على الكفاية ، التي إذا قام بها أحدهم ، سقط الفرض عنهم .

40525 - قال أبو عمر : ليس مع الطحاوي بما قال أثر يحتج به مرسل ولا مسند .

40526 - وقد جاء الحديث برد السلام مما دل أنه من الفروض التي على الكفاية ، فالمصير إليه أولى من الرأي ، وبالله التوفيق .

40527 - قال أبو عمر : الدليل على أن الابتداء بالسلام سنة وفضيلة ; ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : " من ابتدأ قوما بالسلام فضلهم بعشر حسنات " ، [ ص: 137 ] وقوله عليه السلام ، في المتهاجرين : " خيرهما الذي يبدأ بالسلام " .

40528 - والدليل على أن رد السلام فريضة ، قول الله - عز وجل - : فحيوا بأحسن منها أو ردوها [ النساء : 86 ] .

40529 - والسنة أن يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد .

40530 - حدثني أحمد بن قاسم ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثني روح بن عبادة ، قال : حدثني ابن جريج ، قال : أخبرنا أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والماشيان جميعا أيهما بدأ بالسلام ، فهو أفضل .

40531 - حدثني أحمد ، وعبد الوارث ، قالا : حدثنا قاسم ، قال : حدثني الحارث ، قال : حدثني روح بن عبادة ، قال : حدثني ابن جريج ، قال : أخبرني زياد بن سعد ، أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير " .

التالي السابق


الخدمات العلمية