الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1799 [ ص: 165 ] ( 3 ) باب التشميت في العطاس

1805 - مالك عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عطس فشمته ، ثم إن عطس فشمته ، ثم إن عطس فشمته ، ثم إن عطس فقل : إنك مضنوك " قال عبد الله بن أبي بكر : لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة .

1806 - مالك عن نافع ; أن عبد الله بن عمر ، كان إذا عطس ، فقيل له : يرحمك الله ، قال : يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم .


40645 - قال أبو عمر : أما حديث مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، فلم تختلف الرواية ، عن مالك في إرساله .

40646 - وقد روي مسندا من حديث سلمة بن الأكوع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

40647 - وقد ذكرناه من طرق في " التمهيد " منها ما :

40648 - حدثناه عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني الخشني ، [ ص: 166 ] قال حدثني : بندار ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عكرمة بن عمار ، قال : حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه ، قال : عطس رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمته ، ثم عطس ، فشمته ، ثم عطس ، فقال له في الثالثة : " إنك مزكوم " .

40649 - وروي من حديث أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يشمت المسلم إذا عطس ثلاث مرات ، وإن زاد فهو زكام " .

40650 - رواه ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

40651 - وعن سعيد المقبري عن أبي هريرة .

40652 - وقد ذكرناه في " التمهيد " ، وذكرنا الاختلاف على ابن عجلان فيه .

40653 - وأما كيفية تشميت العاطس ; فأحسن ما روي فيه ، حديث عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا عطس أحدكم ، فليقل : الحمد لله ، وإذا قال : الحمد لله ، فليقل له أخوه ، يرحمك الله ، فإذا قيل له ذلك ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم " .

40654 - وقد ذكرناه من طرق في " التمهيد " ومثله سواء من حديث عائشة ، [ ص: 167 ] وقد ذكرناه بإسناده في " التمهيد " أيضا .

40655 - ومن أحسن ذلك أيضا حديث سالم بن عبيد ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : كنت جالسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فعطس رجل من القوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا عطس أحدكم ، فليحمد الله ، وليقل له من عنده : يرحمك الله ، وليرد : يغفر الله لنا ولكم " .

40656 - ومن حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

40657 - وقد ذكرناهما في " التمهيد " بأسانيدهما وطرقهما .

40658 - وأما اختلاف الفقهاء في كيفية تشميت العاطس ;

40659 - فقال مالك : لا بأس أن يقول العاطس لمن شمته : يهديكم الله ، ويصلح بالكم ، وإن شاء قال : يغفر الله لنا ولكم ، كل ذلك جائز .

40660 - وهو قول الشافعي ; أي ذلك قال فحسن .

40661 - وقال أصحاب أبي حنيفة : يقول : يغفر الله لكم ، ولا يقول : [ ص: 168 ] يهديكم الله ، ويصلح بالكم .

40662 - ورووا عن إبراهيم النخعي ، أنه قال : يهديكم الله ، ويصلح بالكم شيء قالته الخوارج ; لأنهم لا يستغفرون للناس .

40663 - واختار الطحاوي قوله : يهديكم الله ويصلح بالكم ; لأنه أحسن من تحيته ; لأن حال من هدي وأصلح باله فوق المغفور له .

40664 - قال أبو عمر : ليس ما اختاره الطحاوي بأحسن من غيره .

40665 - وقد حدثني خلف بن قاسم ، قال : حدثني أحمد بن محمد المكي ، قال : حدثني علي بن عبد العزيز ، قال : حدثني أبو نعيم ، قال : حدثني سفيان ، عن حكيم بن الديلم ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، رجاء أن يقول : يرحمكم الله ، فكان يقول : " يهديكم الله ، ويصلح بالكم " .

40666 - قال أبو عمر : انفرد به حكيم بن الديلم ، وهو ثقة مأمون .

[ ص: 169 ] 40667 - وقد أشبعنا آداب هذا الباب بالآثار في " التمهيد " .

40668 - وقد أجمع العلماء ; على أن من عطس ، فلم يحمد الله ، لم يجب على جليسه تشميته ، وفي ذلك آثار قد ذكرناها .

40669 - ويقال سمت العاطس ، وشمته ; قال الخليل : تسميت العاطس لغة في تشميته .

40670 - وروي عن ثعلب ، أنه سئل عن معنى التشميت ، والتسميت ، فقال : أما التشميت فمعناه : أبعد الله عنك الشماتة ، وجنبك ما يشمت به عليك ، وأما التسميت ، فمعناه : جعلك الله على سمت حسن ونحو هذا .

40671 - وقال أهل الظاهر : تشميت العاطس واجب متعين على كل جليس سامع تحميد العاطس .

40672 - وقالت طائفة من الفقهاء : هو واجب على الكفاية ، كرد السلام .

40673 - وقال آخرون : هو ندب وإرشاد وأدب ، وليس منه شيء واجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية