الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1818 1824 - مالك عن يحيى بن سعيد ; أنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : يا رسول الله ! دار سكناها والعدد كثير والمال وافر ، فقل [ ص: 231 ] العدد وذهب المال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " دعوها ذميمة " .


40928 - قال أبو عمر : قوله : " ذميمة " يعني مذمومة ; يقول : دعوها وأنتم لها ذامون ، كارهون ; لما وقع في نفوسكم من شؤمها .

40929 - فهذا الحديث قد روي مسندا ومرسلا من حديث أنس .

40930 - والمسند رواه عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، قد ذكرناه في " التمهيد " .

40931 - وروى معمر ، وابن عيينة ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي ; أن امرأة من الأنصار قالت : يا رسول الله ، إنا سكنا دارا ، وعددنا كثير ، فهلكنا ، وكان لنا مال ونشب ، فافتقرنا وذات بيننا حسن فاختلفنا وساءت أخلاقنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " دعوها ذميمة " .

40932 - قال أبو عمر : هذا عندي - والله أعلم - قول قاله - صلى الله عليه وسلم - لقوم علم منهم أن الطيرة والشؤم ، قد غلب عليهم ، وثبت في نفوسهم ; لأن إزاحة ما وقر في النفوس عسير ، ولذلك قال لهم : " دعوها ذميمة " يريد إذا وقع بنفوسكم منها ما لا يكاد أن يزول منها .

[ ص: 232 ] 40933 - وهذا عندي من معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - " إنما الطيرة على من تطير " أي على من اعتقدها ، وصحت في نفسه ، لزمته ولم تكن تخطئه .

40934 - ولقد أحسن القائل :

ولست أبالي حين أغدو مسافرا أصاح غراب أم تعرض ثعلب



40935 - والنشب المال .

40936 - قال أبو العتاهية :

وليس الغنى نشب في يد     ولكن غنى النفس عين الغنى



التالي السابق


الخدمات العلمية