الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1846 - مالك أنه بلغه ; أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب ، رآها عمر بن الخطاب ، وقد تهيأت بهيئة الحرائر ، فدخل على ابنته حفصة ، فقال : ألم أر جارية أخيك تجوس الناس ، وقد تهيأت بهيئة الحرائر ؟ وأنكر ذلك عمر .


[ ص: 290 ] 41192 - قال أبو عمر : قد روي عن عمر ; أنه ضرب أمة بالدرة رآها تهيأت بهيئة الحرائر ، ونهى عن ذلك .

41193 - والعلماء مجمعون على أن الله - عز وجل - لم يرد بما أمر به النساء من الاحتجاب ، وأن يدنين عليهن من جلابيبهن الإماء ، وإنما أراد بذلك الحرائر .

41194 - وأجمعوا أن الأمة ليس منها عورة ، إلا ما من الرجل ، إلا أن منهم من كره عرضها للبيع أن يرى منها فخذا أو بطنا أو صدرا ، وكره أن ينكشف شيء من ذلك منها في صلاتها .

41195 - ومنهم من لم يكره النظر إليها ، إلا ما يكره من الرجل ، وهو القبل والدبر ، وأجاز النظر إلى ما سوى ذلك منها عند ابتياعها ، وقال : هي سلعة من السلع لا حرمة لها .

41196 - وإنما كره عمر للإماء - والله أعلم - أن يتهيأن بهيئة الحرائر ; لئلا يظن أنهن حرائر ، فيضاف إليهن التبرج والمشي ، وينسب ذلك منهن إلى ما وقع الظن عليهن ، فيأثم بذلك الظان .

41197 - ومعلوم أن الإماء ينصرفن في خدمة ساداتهن فيكثر خروجهن لذلك وتطوافهن .

41198 - وقوله تجوس الناس ، معناه تجول في أزقة المدينة مقبلة ومدبرة ، وهذا من قول الله - عز وجل - فجاسوا خلال الديار [ الإسراء : 5 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية