الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1842 1849 - مالك عن محمد بن المنكدر ، عن أميمة بنت رقيقة ; أنها قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوة بايعنه على الإسلام ، فقلن : يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيك في معروف ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فيما استطعتن وأطقتن " قالت : فقلن : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، هلم نبايعك يا رسول الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لا أصافح النساء ، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ، أو مثل قولي لامرأة واحدة " .


41210 - قال أبو عمر : قوله في هذا الباب : هلم نبايعك يا رسول الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لا أصافح النساء " دليل على أن من شرط البيعة للرجال [ ص: 296 ] المصافحة ، وقد تقدم هذا في بيعة أبي بكر ، وعمر ، وسائر الخلفاء .

41211 - وقد ذكرنا الوجوه التي كانت عليها البيعة في صدر الإسلام ، في صدر كتاب الجامع ، من كتابنا هذا مستوعبة ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايع أصحابه مرة على بيعة النساء ، وبايعهم على الحرب ، مرارا ، منها بيعة الرضوان ، والبيعة التي كانت بمكة قبل الهجرة .

41212 - وقد بينا ذلك كله فيما سلف من كتابنا هذا ، والحمد لله كثيرا .

41213 - وقال ابن جريج ، وغيره ، في قوله - عز وجل - ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف [ الممتحنة : 12 ] : كانت المرأة في الجاهلية تلد الجارية ، فتأخذ الغلام مكانها ، وتقول لزوجها : هو ولدك .

41214 - وأما قوله في حديث ابن المنكدر هذا في بيعة النساء : " ولا نعصيك في معروف " ، فقيل : المعروف كل ما أمرهم به - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه لا يأمر أبدا إلا بالمعروف ، ولا ينهاهم إلا عن المنكر ; قال الله - عز وجل - يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات . . . . . [ سورة الأعراف : الآية : 157 ] .

41215 - وقيل : المعروف هاهنا حرج النساء على ألا ينحن على موتاهن .

[ ص: 297 ] 41216 - روي ذلك عن أم سلمة .

41217 - ومن رواية من يرفعه .

41218 - وروي مثله عن أم عطية ; قالت : أخذ علينا في البيعة ألا ننوح .

41219 - وقال ابن عباس : اشترط عليهن ألا ينحن نياحة الجاهلية ، ولا يخلون بالرجال في البيوت .

41220 - وقال الحسن : كان في ما أخذ عليهن ، ألا يتحدثن مع الرجال ، إلا أن يكون محرما ، فإن الرجل قد تلاطفه المرأة بالكلام فيمني في فخذه .

41221 - وقال عبد الله بن بسر : ترون يدي هذه صافحت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ بايعته .

41222 - وروى هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن جعفر ، أنهما بايعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهما ابنا سبع سنين ، فلما رآهما بسط يده وتبسم ، وبايعهما .

41223 - وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث ، وما كان مثلها ، في معنى الباب [ ص: 298 ] في " التمهيد " والحمد لله كثيرا .

41224 - وقد روى ابن وهب ، وإبراهيم بن طهمان ، وسعيد بن داود ، كلهم عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة في بيعة النساء ، قالت : ما مس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يد امرأة قط إلا أن يأخذ عليها ، فإذا أخذ عليها ، فأعطته ، قال : " اذهبي فقد بايعتك " .

41225 - وروى حجاج ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمتحنهن بهذه الآية : ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا 4 ولا ولا [ الممتحنة : 12 ] قالت عائشة : فمن أقر من المؤمنات بهذه فقد أقر بالمحنة ، وإذا أقررن بذلك ، قال لهن : " انطلقن فقد بايعتكن " قالت عائشة : لا والله ، ما مست امرأة قط يده ، غير أنه يبايعهن بالكلام .

41226 - قال أبو عمر : هذا يرد ما روي عن إبراهيم ، وقيس بن أبي حازم ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصافح النساء إلا وعلى يده ثوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية