الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1859 [ ص: 348 ] ( 7 ) باب ما جاء في الصدق والكذب

1864 - مالك عن صفوان بن سليم ; أن رجلا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكذب امرأتي يا رسول الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا خير في الكذب " فقال الرجل : يا رسول الله أعدها وأقول لها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا جناح عليك " .


41410 - قال أبو عمر : لا أعلم هذا الحديث بهذا اللفظ يستند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه من الوجوه . وقد رواه سفيان بن عيينة ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار .

41411 - حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن مطرف ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الإيلي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار قال : قال رجل ، يا رسول الله ، هل علي جناح أن أكذب امرأتي ؟ : قال : " لا يحب الله الكذب " فقال : يا رسول الله : أستصلحها وأستطيب نفسها ، فقال : " لا جناح عليك " .

41412 - قال ابن عيينة : وأخبرني ابن أبي حسين ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصلح الكذب إلا في ثلاث ، يصلح الرجل بين اثنين ، والحرب خدعة ، [ ص: 349 ] والرجل يستصلح امرأته " .

41413 - قال أبو عمر : إذا كان للرجل أن يكذب في الإصلاح بين اثنين ; فإصلاحه بينه وبين امرأته أولى بذلك ، ما لم يقصد بذلك ظلما ، وكذلك غير امرأته من صديق قد آخاه في الله يخشى فساده ، وأن يحرم الانتفاع به في دينه وماله .

41414 - وقد روى شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " كل الكذب يكتب على ابن آدم ، إلا ثلاثا ; كذب الرجل أمرأته ليرضيها ، ورجل كذب ليصلح بين اثنين ، ورجل كذب في خديعة حرب " .

41415 - قال أبو عمر : حسبك في هذا الباب بحديث ابن شهاب ، وقد رواه مالك ، ومعمر ، وشعيب ، وعقيل ، وغيرهم عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أمه ; أم كلثوم ، قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليس بالكذاب من قال خيرا ; ليصلح بين الناس " .

41416 - وأما حديث مالك ; فرواه الليث بن سعد ، عن يحيى بن أيوب ، عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن [ ص: 350 ] أمه أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليس بالكذاب الذي يمشي يصلح بين الناس ; فينمي خيرا أو يقوله " .

41417 - وقد احتج ابن عيينة في إباحة الكذب فيما ليس فيه مضرة على أحد ، إذا قصد به الخير ونواه ; لقول الله - تعالى - حاكيا عن إبراهيم - عليه السلام - بل فعله كبيرهم هذا [ الأنبياء : 63 ] وبفعل يوسف إذ جعل الصاع في رحل أخيه ، ثم نادى مناديه أيها العير إنكم لسارقون [ يوسف : 70 ] .

41418 - وقد أتينا من الأحاديث عن السلف في هذا الباب بما فيه شفاء وسكون للنفس ; في الاقتداء ، في " التمهيد " . والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية