الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1866 1872 - مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم ; أنه سمع عمر بن عبد العزيز ، يقول : كان يقال إن الله - تبارك وتعالى - لا يعذب العامة بذنب الخاصة ، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم .


41524 - قال أبو عمر : هذا المعنى ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه والتابعين .

41525 - وهذا الحديث قد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن رجل عن عمر بن عبد العزيز ، وممكن أن يكون الرجل إسماعيل بن أبي حكيم ، ذكره أسد [ ص: 375 ] بن موسى عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن يحيى بن سعيد .

41526 - وروى وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبيد الله بن جرير ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، هم أعز وأمنع ، لا يغيرون إلا عمهم الله بعقابه " .

41527 - ذكره ابن أبي شيبة ، عن وكيع ، وذكره أسد بن موسى ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عبيد الله بن جرير ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، يقدرون أن يغيروا عليه ، فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب قبل أن يموتوا " .

41528 - قال أبو عمر : هذا واضح في أنه لا يلزم التغيير إلا من القوة والعزة والمنعة ، وأنه لا يستحق العقوبة ، إلا من هذه حاله .

41529 - وأما من ضعف عن ذلك ; فالفرض عليه التغيير بقلبه ، والإنكار والكراهة .

41530 - قال عبد الله بن مسعود : بحسب المؤمن إذا رأى منكرا لا يستطيع [ ص: 376 ] له تغييرا ، أن الله يعلم من قلبه أنه له كاره .

41531 - وروى الحسن ، عن ضبة بن محصن ، عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يكون عليكم أمراء ، تعرفون وتنكرون ، فمن أنكر شيئا فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع ، فأبعده الله " . قيل : يا رسول الله ، أفلا نقتلهم ؟ قال : " لا ، ما صلوا " .

41532 - وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث ، وكثيرا منها مثلها في " التمهيد " .

41533 - قال أبو عمر : يقولون : من رضي بالفعل ، فكأنه فعله .

41534 - قال الحسن - رحمه الله - إنما عقر الناقة رجل واحد ، فعمهم الله بالعقوبة ، لأنهم عموا فعله بالرضى .

41535 - ومن أحسن ما روي في ذلك ، حديث ابن عميرة الكندي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن القوم ليصنعون المنكر ، فيكون من حضرهم ، كمن غاب عنهم ، يعني إذا أنكر ولم يرض ، ويكون من غاب عنهم كمن حضرهم إذا رضي فعلهم " .

[ ص: 377 ] 41536 - هذا معنى الحديث دون لفظه ، كتبته من حفظي .

41537 - حدثنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا جعفر بن مكرم ، قال : حدثنا قريش بن أنس ، عن ابن عروة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، أنه كان جالسا عند معاوية ، فقال : يا أبا بحر ، ألا تتكلم ؟ قال : إني أخاف الله إن كذبت ، وأخافكم إن صدقت .

41538 - وحدثنا أحمد ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا علي بن سهيل ، وسهل بن موسى - واللفظ له - قالا : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، قال : سمعت بلال بن سعيد يقول : إن الخطيئة إذا أخفيت ، لن تضر إلا صاحبها ، وإذا ظهرت فلم تغير ، ضرت العامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية