الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1874 [ ص: 393 ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

58 - كتاب الصدقة

( 1 ) باب الترغيب في الصدقة

1880 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي الحباب ; سعيد بن يسار ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من تصدق بصدقة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا طيبا ، كان إنما يضعها في كف الرحمن ، ويربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ، حتى تكون مثل الجبل " .


41597 - هكذا روى يحيى هذا الحديث مرسلا ، وتابعه أكثر الرواة " للموطأ " على إرساله .

41598 - وممن تابعه ; ابن وهب ، وابن القاسم ، وأبو المصعب ، ومطرف .

41599 - ورواه ابن بكير ، ومعن بن عيسى مسندا ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي الحباب ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

41600 - وكذلك رواه ابن عجلان - وكان ثقة - عن أبي الحباب ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 394 ] 41601 - أخبرنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا الخشني ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " والذي نفسي بيده ، ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ، فيضعها في حق ، ولا يقبل الله إلا طيبا ، ولا يصعد إلى السماء إلا طيب - إلا كان كأنما وضعها في يد الرحمن ، فيربيها كما يربي أحدكم فلوه وفصيله ; حتى إن اللقمة أو التمرة لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم " .

قال سفيان : ألم تعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات وقال : يمحق الله الربا ويربي الصدقات [ البقرة : 267 ] .

41602 - قال أبو عمر : كان ابن عيينة كثيرا ما يفسر الحديث بالقرآن ، وكان [ ص: 395 ] عالما بتأويل القرآن والحديث .

41603 - ومعنى ما قاله ابن عيينة موجود عن ابن مسعود ، قال : إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ، وتلا وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون [ الشورى : 25 ] .

41604 - وروى معمر ، عن أيوب ، عن القاسم بن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : إن الله يقبل الصدقة إذا كانت من طيب ، ويأخذها بيمينه . . ، وذكر معنى حديث مالك ، عن يحيى بن سعيد في هذا الباب .

41605 - وأما قوله : " يأخذها بيمينه " فهذا مجاز ، وحسن عبارة عن قبول الله - تعالى - للصدقة ، ومعنى أخذ الله لها ; قبوله - تبارك وتعالى - ، لا يشبهه شيء ، وليس كمثله شيء ، وهو السميع العليم .

41606 - وفي هذا الحديث : " إن الله لا يقبل من الصدقة إلا الطيب " ، الطيب : الحلال ، بهذا جاء القرآن ; فقال : كلوا من الطيبات واعملوا صالحا [ المؤمنون : 51 ] .

41607 - وقال : كلوا مما في الأرض حلالا طيبا [ البقرة : 168 ] .

41608 - وفي فضل الصدقة آثار كثيرة قد ذكرنا ما حضرنا ذكره في " التمهيد " .

[ ص: 396 ] 41609 - منها ما حدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أبو الطاهر ; محمد بن أحمد بن بجير القاضي ، قال : حدثنا جعفر بن الفريابي ، قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا الحكم بن يعلى قال : حدثنا عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور " .

41610 - وقال - صلى الله عليه وسلم - : " اتقوا النار ولو بشق تمرة " ، رواه عدي بن حاتم وغيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية