الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1884 - مالك ; أنه بلغه عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن مسكينا سألها وهي صائمة ، وليس في بيتها إلا رغيف ، فقالت لمولاة لها ، أعطيه إياه ، فقالت : ليس لك ما تفطرين عليه ، فقالت : أعطيه إياه ، قالت : ففعلت . قالت : فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت ، أو إنسان ، ما كان يهدي لنا ، شاة وكفنها ، فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت : كلي من هذا ، هذا خير من قرصك .


41651 - قال أبو عمر : هذا من المال الرابح ، والفعل الزاكي عند الله ، يعجل منه ما يشاء ، ولا ينقص ذلك ، فما يذخر عنه من ترك شيئا لله ، لم يجد فقره ، وعائشة - رضي الله عنها - في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم ، مع ما هم فيه من الخصاصة ، وأن من فعل ذلك فقد وقي شح نفسه [ ص: 407 ] وأفلح ، فلا حاجة لإحسان بعده .

41652 - وفي هذا المعنى ما حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا محمد بن مسروق العسال ، قال : حدثنا القيروان ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا الحسن بن الحسن المروذي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، أن ابن عمر اشتكى أو اشتهى عنبا ، فاشترى له عنقودا بدرهم ، فجاء مسكين ، فقال : أعطوه إياه ، فخالف إنسان ، فاشتراه بدرهم ، ثم جاء به إلى ابن عمر ، فجاء المسكين يسأل ، فقال : أعطوه إياه ، ثم خالف إنسان فاشتراه بدرهم ، ثم جاء به ، فأراد السائل أن يرجع ، فمنع ، ولو علم ابن عمر أنه ذلك العنقود ، ما ذاقه .

41653 - وأما قوله : " شاة ، وكفنها " فإن العرب ، أو بعض وجوههم ، كان هذا من طعامهم ; يأتون إلى الشاة أو الخروف ، فإذا سلخوه غطوه كله بعجين دقيق البر ، وكفنوه فيه ، ثم علقوه في التنور ، فلا يخرج من ودكه شيء إلا في ذلك الكفن ، وذلك من طيب الطعام عندهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية