الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1884 1890 - مالك عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن رجل من بني أسد ، أنه قال : نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد ، فقال لي أهلي : اذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاسأله لنا شيئا نأكله ، وجعلوا يذكرون من [ ص: 423 ] حاجتهم ، فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فوجدت عنده رجلا يسأله ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا أجد ما أعطيك " فتولى الرجل عنه وهو مغضب ، وهو يقول : لعمري إنك لتعطي من شئت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه ليغضب علي أن لا أجد ما أعطيه ، من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا " قال الأسدي : فقلت للقحة لنا خير من أوقية . قال مالك : والأوقية أربعون درهما . قال مالك : فرجعت ولم أسأله ، فقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بشعير وزبيب ، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله - عز وجل - .


41722 - هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة عن مالك ، عن زيد ، عن عطاء ، عن رجل من بني أسد .

41723 - وقد رواه عمارة بن غزية ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

41724 - وعن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد الخدري [ ص: 424 ] حديث في هذا المعنى ، بغير هذا اللفظ ، وقد تقدم ذكره .

41725 - ولا أعلم خلافا بين العلماء في كراهة السؤال لمن له أوقية أو عدلها .

41726 - وقد اختلفوا في المقدار الذي تحرم به الصدقة المفروضة على من ملكه .

41727 - وقد ذكرنا هذا المعنى في كتاب الزكاة ، والحمد لله .

41728 - وأما السؤال فمكروه ، غير جائز عند جميعهم لمن يجد منه بدا .

41729 - وروينا عن عبد الله بن عباس ، أنه قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في ما أوصاه به : " إذا سألت ، فأسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله " .

41730 - ولقد أحسن بعض الأعراب في قوله :

علام سؤال الناس والرزق واسع وأنت صحيح لم تخنك الأصابع     وللعيش أوكار وفي الأرض مذهب
عريض وباب الرزق في الأرض واسع     فكن طالبا للرزق من رازق الغنى
وخل سؤال الناس فالله صانع

41731 - وقال عبيد بن الأبرص :

من يسأل الناس يحرموه     وسائل الله لا يخيب


[ ص: 425 ] 41732 - وقال مسلم بن الوليد :

أقول لمأفون البديهة طائر     مع الحرص لم يغنم ولم يتمول
سل الناس إني سائل الله وحده     وصائن عرضي عن فلان وعن خل

وقد أتينا من أشعار الشعراء في هذا المعنى ، مع أقاويل العلماء ، في كتاب " بهجة المجالس " بما فيه شفاء . والحمد لله .

41733 - وأما قوله في الحديث : " للقحة خير من أوقية " . فاللقحة الناقة اللبون .

41734 - وقال أحيحة بن الجلاح :

تبوع للحليلة حيث كانت     فما يعتاد لقحته الفصيل


41735 - وقال الأصمعي : لقاح الإبل : أن تحمل سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية