الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1888 1893 - مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ; أنه قال : قال عبد الله بن الأرقم : ادللني على بعير من المطايا أستحمل عليه أمير المؤمنين ، فقلت : نعم جملا من الصدقة ، فقال عبد الله بن الأرقم : أتحب أن رجلا بادنا في يوم حار غسل لك ما تحت إزاره ورفغيه ثم أعطاكه فشربته ؟ قال [ ص: 432 ] فغضبت وقلت : يغفر الله لك ، أتقول لي مثل هذا ؟ فقال عبد الله بن الأرقم : إنما الصدقة أوساخ الناس . يغسلونها عنهم .


41763 - وخرج قوله : أوساخ الناس مخرج المثل السائر المضروب في كراهة الصدقة لمن وجد عنها غنى .

41764 - ومعناه يقتضي وجهين ، يعضدها الأصول : أحدهما : أن الأوساخ التي ضرب بها المثل هي على الغني حرام ; لأن الكلام خرج على الصدقة المفروضة ، وهي لا تحل للأغنياء . والوجه الآخر : أن الصدقة كلها مكروهة لكل من يجد عنها بدا بقوته على الاكتساب ، والتخوف في طلب الرزق . وإن كان فقيرا ، فقد أوضحنا المعنى الذي يحرم الصدقة على السائل ، فيما تقدم .

41765 - قال أبو عمر : وفي هذا عندي حجة لمن قال في الماء المستعمل : إنه ماء الذنوب كراهة له ; لأنها تنجسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية