الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
250 [ ص: 130 ] [ ص: 131 ] كتاب الصلاة في رمضان [ ص: 132 ] [ ص: 133 ] باب الترغيب في الصلاة في رمضان

219 - ذكر فيه مالك حديثين مسندين : أحدهما عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى [ ص: 134 ] في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ، الحديث .

220 - والآخر عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرغب في قيام رمضان ، الحديث .


[ ص: 135 ] 6225 - ففي الحديث الأول من الفقه الاجتماع في النافلة ، وأن النوافل إذا اجتمع في شيء منها على سنته لم يكن لها أذان ولا إقامة ; لأنه لم يذكر الأذان في ذلك ولو كان لذكر ، ونقل .

6226 - وأجمع العلماء أن لا أذان في شيء من السنن والنوافل ، وأن الأذان إنما هو للمكتوبات ، فأغنى عن الكلام في ذلك .

6227 - وفيه أن قيام رمضان سنة من سنن النبي - عليه السلام - مندوب إليها مرغب فيها . ولم يسن منها عمر إلا ما كان رسول الله يحبه ويرضاه ، وما لم يمنعه من المواظبة عليه إلا أن يفرض على أمته ، وكان بالمؤمنين رءوفا رحيما .

6228 - فلما علم عمر ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلم أن الفرائض في وقته لا يزاد فيها ولا ينقص منها أقامها للناس وأحياها وأمر بها ، وذلك سنة أربع عشرة من الهجرة صدر خلافته .

6229 - وقد أوضحنا ما فضل به عمر من ذلك وغيره في " التمهيد " .

[ ص: 136 ] 6230 - ومما يدل على أن قيام شهر رمضان سنة من سنن النبي - عليه السلام - ما ذكره ابن وهب ، عن مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : خرج النبي وإذا الناس يصلون في رمضان في ناحية المسجد ، فقال : " من هؤلاء ؟ " قيل : ناس لهم قرآن ، وأبي بن كعب يصلي بهم وهم يصلون بصلاته . فقال النبي - عليه السلام - : " أصابوا ، ونعم ما صنعوا " .

6231 - وذكر الدارقطني عن إسماعيل بن محمد الصفار ، عن أبي قلابة الرقاشي ، عن بشر بن عمر ، عن مالك ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه - إيمانا [ ص: 137 ] واحتسابا - غفر له ما تقدم من ذنبه " .

6232 - وهذا لفظ لم يروه أحد عن مالك في هذا الحديث إلا أبو قلابة الرقاشي ، عن بشر بن عمر .

6233 - قاله الدارقطني وهو كما قال .

6234 - ومما يؤيد ذلك قول عائشة : إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به ; لئلا يفرض على الناس .

[ ص: 138 ] 6235 - وقد ذكرنا في " التمهيد " حديث أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام بهم في رمضان ، عند سبع بقين منه ، ليلة إلى ثلث الليل ، ولم يقم بهم التي تليها ، وقام بهم التي بعدها وهي الخامسة ، إلى أن ذهب شطر الليل ، ثم قام بهم الثالثة حتى خشوا أن يفوتهم السحور .

6236 - هذا كله معنى الحديث ، لا لفظه .

6237 - ومثله حديث النعمان بن بشير ، قال : قمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام - في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ، ثم قمنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا ألا ندرك الفلاح ، وكانوا يسمونه السحور .

6238 - وهذا كله يدل على أن قيام رمضان جائز أن يضاف إلى النبي - عليه السلام - بحضه عليه وعمله به ، وأن عمر إنما سن منه ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية