الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
233 - وذكر مالك في آخر هذا الباب أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ، يسلم من كل [ ص: 222 ] ركعتين .


6525 - وهذا تفسير لحديثه المجمل الذي رواه عن النبي " صلاة الليل مثنى مثنى " .

[ ص: 223 ] 6526 - ويدل على ما قاله الشافعي : إنه حديث خرج على جواب السائل كأنه قال : يا رسول الله كيف صلاة الليل ؟ فقال : مثنى مثنى ، ولو سأله عن صلاة النهار لقال أيضا مثل ذلك ، بدليل هذا الحديث عن ابن عمر أنه قال : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى .

6527 - وقد روى علي بن عبد الله الأزدي البارقي عن ابن عمر ، عن النبي أنه قال : " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ركعتين " .

6528 - وسيأتي القول في ذلك في باب الوتر إن شاء الله تعالى .

6529 - وقوله مثنى مثنى يقتضي التسليم من كل ركعتين كما جاء مفسرا في هذا الخبر عن ابن عمر ، لأنه لا يقال للظهر مثنى مثنى ولا للعصر مثنى مثنى ، وإن كان فيهما جلوس في كل ركعتين .

6530 - وهذا كله يدل على ضعف مذهب الكوفيين في إجازتهم عشر ركعات ، وثمانيا ، ومثنى ، وأربعا .

[ ص: 224 ] 6531 - وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن .

6532 - وهذا لو صح احتمل أن يكون لا يفصل بينهن بتقدم عن موضعه ولا تأخر وجلوس طويل أو كلام ، والله أعلم .

6533 - وهذا المعنى يروى عن النبي من حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث أبي هريرة .

6534 - حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن الحجاج بن عبيد ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله " يعني في السبحة بعد الفريضة .

[ ص: 225 ] 6535 - قال إسماعيل : هكذا حدثني به سليمان بن حرب ، وحدثناه عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ليث ، عن الحجاج بن عبيد ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

6536 - قال أبو عمر : إبراهيم بن إسماعيل هذا مجهول ، وكذلك [ ص: 226 ] الحجاج بن عبيد ، وإنما روى حديثه ليث لا أيوب . وهو حديث لا يحتج بمثله .

6537 - ولكن قد روى ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : إذا صلى أحدكم المكتوبة : ثم أراد أن يصلي بعدها فليتقدم ولا يتكلم .

6538 - قال أبو عمر : هذا حديث صحيح .

6539 - وسفيان ، عن حصين ، عن الشعبي ، قال : إذا صليت المكتوبة ثم أردت أن تتكلم فاخط خطوة أو تكلم .

6540 - قال أبو عمر : قد خالف ابن عمر ابن عباس في هذا القول ، فقال : وأي فضل أفضل من السلام ؟

6541 - وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى .

6542 - وكان مالك - رحمه الله - لا يرى بأسا أن يتطوع من سوى الإمام في موضعه ولا يتقدم ولا يتأخر ولا يتكلم ، وكان ينكر قول من كره ذلك على معنى ما روي عن ابن عمر وغيره في ذلك .

[ ص: 227 ] 6543 - وإنما قلنا : إن قوله : مثنى مثنى يقتضي السلام من كل ركعتين في النوافل مع ما تقدم ذكره ; لأن ابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين ، وقبل العصر ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين ، وبعد الجمعة ركعتين ، في بيته وهو كان أشد الناس امتثالا لما روي عن النبي .

6544 - حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن وضاح ، قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع وغندر ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن علي الأزدي ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صلاة الليل والنهار ركعتان ركعتان " . وقال غندر : " مثنى مثنى " .

6545 - وذكر ابن وهب ، قال : حدثنا عمرو بن الحارث ، عن بكير بن عبد الله الأشج أن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه ، أنه سمع ابن عمر يقول : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى . يعني التطوع .

6546 - فكيف يقبل مع هذا عن ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن ، ومع ما رواه علي الأزدي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ !

التالي السابق


الخدمات العلمية