الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
305 275 - وذكر مالك في هذا الباب أيضا عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم الناس بالعقيق ، فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز فنهاه .

7323 - قال : وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه .


[ ص: 379 ] 7324 - قال أبو عمر : هذه عندهم كناية كالتصريح ; لأنه كان ولد زنى ، فكره عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - أن ينصب مثله إماما ; لأنه خلق من نطفة خبيثة . وقد روي أنه شر الثلاثة كما يعاب من حملت به إن كانت حائضا ، أو من سكران ، وإن كان هو في ذلك كله لا ذنب له .

7325 - وقد يحتمل أن يكون نهاه عن التعرض للإمامة ; لأنه فيها كمال وجمال حال بنفس صاحبها ، ويحسد عليها .

7326 - فمن كان لغير رشده وطلب ذلك فقد عرض نفسه للقول فيه وجعله غرضا للألسنة ، وأثار على نفسه من كان سكت عنه لو لم يضر في حاله تلك ، والله أعلم .

7327 - واختلف الفقهاء في إمامة ولد الزنى .

7328 - فقال مالك : أكره أن يكون إماما راتبا .

7329 - قال : وشهادته جائزة في كل شيء إلا في الزنى فإنها لا تجوز .

7330 - وهو قول الليث بن سعد .

7331 - وقال سفيان الثوري والأوزاعي : لا بأس بأن يؤم ولد الزنى .

7332 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : غيره أحب إلينا .

7333 - وقال الشافعي : أكره أن ينصب إماما لأن الإمامة موضع فضل ، وتجزئ من صلى خلفه صلاتهم وتجزيه .

[ ص: 380 ] 7334 - وقال عيسى بن دينار : لا أقول بقول مالك في إمامة ولد الزنى ، وليس عليه من ذنب أبويه شيء .

7335 - وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : لا أكره إمامة ولد الزنى إذا كان في نفسه أهلا للإمامة .

7336 - قال أبو عمر : ليس في شيء من الآثار الواردة في شرط الإمامة في الصلاة ما يدل على مراعاة نسب ، وإنما فيه الدلالة على الفقه والقراءة والصلاح في الدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية