الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
310 [ ص: 407 ] باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد

279 - 280 - ذكر فيه مالك عن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريقين : أحدهما عن إسماعيل بن محمد بن سعد ، والثاني عن ابن شهاب مرسلا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم " .


[ ص: 408 ] 7450 - وفي حديث ابن شهاب تفسير لحديث إسماعيل بقوله فيه : " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس وهم يصلون في سبحتهم قعودا " ، يعني في نافلتهم .

7451 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في الأمراء المؤخرين للصلاة عن ميقاتها : " صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة " . يعني نافلة .

7452 - وهذه اللغة في السبحة أن المراد بها النافلة معروفة في الصحابة مشهورة وهم أهل اللسان .

7453 - فدل هذا على أن المعنى الذي خرج عليه الحديث - صلاة النافلة .

7454 - وأوضح ذلك الإجماع الذي لا ريب فيه ، فإن العلماء لم يختلفوا أنه لا يجوز لأحد أن يصلي منفردا أو إماما قاعدا فريضته التي كتبها الله عليه وهو قادر على القيام فيها ، وأن من فعل ذلك ليس له صلاة وعليه إعادة ما صلى جالسا ، فكيف يكون له أجر نصف القائم وهو آثم عاص لا صلاة له ؟

7455 - وقد تقدم ما للعلماء في معنى قوله في الإمام المريض يصلي قاعدا بقوم أصحاء : " إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا " .

7456 - وأجمعوا أن فرض القيام في الصلاة على الإيجاب لا على التخيير .

7457 - قال الله عز وجل : " وقوموا لله قانتين ( البقرة : 238 ( 7458 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفل جالسا ، فبان بهذا أن النافلة جائز أن [ ص: 409 ] - مثل نصف - يصليها من شاء قاعدا ومن شاء قائما ، إلا أن القاعد فيها على مثل أجر القائم .

7459 - وهذا كله لا خلاف فيه والحمد لله .

7460 - وقد أوضحنا الآثار بمعنى ما قلنا في " التمهيد " في باب مرسل ابن شهاب ، وباب إسماعيل أيضا .

7461 - والدليل على أن القيام يسمى قنوتا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " يعني طول القيام ، لا خلاف نعلمه عند أحد في ذلك .

7462 - واختلف العلماء في كيفية صلاة القاعد في النافلة وصلاة المريض .

7463 - وسنذكره في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية