الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
339 [ ص: 76 ] ( 3 ) باب ما يجب فيه قصر الصلاة .

309 - مالك ، عن نافع ; أن عبد الله بن عمر ، كان إذا خرج حاجا ، أو معتمرا ، قصر الصلاة بذي الحليفة .


[ ص: 77 ] 7974 - قال أبو عمر : كان ابن عمر يتبرك بالمواضع التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزلها للصلاة وغيرها ، وكان يمتثل فعله بكل ما يمكنه ، لما علم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصر الصلاة بذي الحليفة ( صلاة العصر ) في حين خروجه من المدينة إلى مكة ، فكان هو متى خرج من المدينة إلى مكة لم يقصر الصلاة إلا بذي الحليفة .

7975 - وروى محمد بن المنكدر ، وإبراهيم بن ميسرة ، عن أنس ، قال : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين .

7975 م - ورواه الثوري ، وابن عيينة ، كلاهما عن محمد بن المنكدر ، وإبراهيم بن ميسرة ; جميعا عن أنس بن مالك .

7976 - ذكره وكيع ، عن الثوري ، وعبد الرزاق عن ابن عيينة .

7977 - قال أبو عمر : يعني في حجة الوداع ، وسنبين ذلك إن شاء الله .

7978 - وأما سفر ابن عمر في غير الحج والعمرة ; فكان يقصر الصلاة إذا خرج من بيوت المدينة .

[ ص: 78 ] 7979 - ذكر عبد الرزاق ، وعبد الله بن وهب ، عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يقصر الصلاة في السفر حين يخرج من بيوت المدينة ، ويقصر إذا رجع حتى يدخل بيوتها ، واللفظ لعبد الرزاق .

7980 - قال وأخبرنا الثوري ، عن ورقاء بن إياس الأسدي عن علي بن ربيعة الأسلمي ، قال : خرجنا مع علي ( رضي الله عنه ) ونحن ننظر إلى الكوفة ، فصلى ركعتين ، ثم رجعنا فصلى ركعتين وهو ينظر إلى الكوفة ، فقلت : ألا تصلي أربعا ؟ قال : لا حتى ندخلها . 7981 - وروى ابن عيينة ، وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : خرجت مع علي بن أبي طالب إلى صفين ، فلما كان بين الجسر والقنطرة صلى ركعتين .

7982 - ومثل هذا عن علي من وجوه شتى .

7983 - وهو مذهب جماعة العلماء إلا من شذ .

7984 - وممن روينا ذلك عنه علقمة ، والأسود ، وعمرو بن ميمون ، والحارث بن قيس الجعفي ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء ، وقتادة ، والزهري .

7985 - وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، والثوري ، وسليمان بن موسى ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وجماعة من الفقهاء وأهل الحديث .

7986 - قال مالك في " الموطأ " : لا يقصر الصلاة الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية ، ولا يتم حتى يدخلها أو يقاربها .

[ ص: 79 ] 7987 - وهذا تحصيل مذهبه عند جمهور أصحابه .

7988 - وذكر ابن حبيب ، عن مطرف ، وابن الماجشون ، عن مالك ، وابن كنانة أيضا عن مالك أنه قال : إذا كانت القرية لا تجمع فيها الجمعة ; فإنه لا يقصر الصلاة الخارج عنها حتى يجاوز ثلاثة أميال ، وذلك أيضا ما تجب الجمعة فيه على من كان خارجا من المصر ، وكذلك إذا انصرف لا يزال يقصر حتى ينتهي إلى مثل ذلك من المصر .

7989 - قال أبو عمر : الذي رواه ابن القاسم وغيره عن مالك في ذلك هو ما ذكره في " الموطأ " وهو الصحيح في مذهبه ، والذي ذكره ابن الحكم عنه وهو الذي عليه جماعة السلف وجمهور الخلق .

7990 - قال أبو عمر : أما الإقامة للمسافر ، فلا يحتاج فيها إلى غير النية ، وأما السفر فمفتقر إلى العمل مع النية ، وكذلك من نوى الإقامة لزمه الصوم وإتمام الصلاة في الوقت ، ومن كان في الحضر ونوى السفر لم يكن مسافرا بنيته حتى يعمل أقل عمل في سفره ، فإذا تأهب المسافر وخرج من حضره عازما على سفره فهو مسافر ، ومن كان مسافرا فله أن يفطر ويقصر الصلاة إن شاء .

7991 - ذكر عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : إذا خرج الرجل حاجا فلم يخرج من بيوت القرية حتى حضرت الصلاة ; فإن شاء قصر .

7992 - وعن الثوري ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود أن عليا - رضي الله عنه - حين خرج من البصرة رأى خصا فقال : لولا هذا الخص لصلينا ركعتين .

[ ص: 80 ] 7993 - ورواه وكيع ، عن الثوري مثله .

7994 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن عمران بن عمير ، عن أبيه ، قال : خرجت مع عبد الله بن مسعود إلى مكة ، فقصر الصلاة بقنطرة الحيرة .

7995 - وكان علقمة ، والأسود ، وعمرو بن ميمون ، وإبراهيم النخعي ، إذا خرجوا مسافرين قصروا الصلاة إذا خرجوا من بيوت القرية .

7996 - وهذا كله قول مالك المعروف عنه الذي عليه يتحصل مذهبه وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهما ، والثوري ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وجمهور أهل العلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية