الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
315 - مالك ، أنه بلغه أن عبد الله بن عباس ، كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة الطائف ، وفي مثل ما بين مكة وعسفان ، وفي مثل ما بين مكة وجدة .

8020 - قال مالك : وذلك أربعة برد ، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة .

8021 - قال مالك : لا يقصر الذي يريد السفر الصلاة ، حتى يخرج من بيوت القرية . ولا يتم ، حتى يدخل أول بيوت القرية ، أو يقارب ذلك .


8022 - قال أبو عمر : هذا عن ابن عباس معروف من نقل الثقات ، متصل الإسناد عنه من وجوه .

8023 - ( منها ) : ما رواه عمرو بن دينار ، وابن جريج ، عن عطاء ، قال : سألت ابن عباس فقلت : أقصر الصلاة إلى عرفة وإلى منى ؟ قال : لا . ولكن إلى الطائف وإلى جدة ، ولا تقصروا الصلاة إلا في اليوم التام ، ولا تقصر فيما دون اليوم ، فإن ذهبت إلى الطائف ، أو إلى جدة ، أو إلى قدر ذلك من الأرض إلى أرض لك ، [ ص: 85 ] أو ماشية ، فاقصر الصلاة ، فإذا قدمت فأوف .

8024 - ذكره عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، واللفظ لحديث ابن جريج .

8025 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، قال : أخبرني عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لا تقصر إلى عرفة ولا بطن نخلة ، واقصر إلى عسفان ، والطائف ، وجدة ، فإذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم .

8026 - قال : وحدثنا وكيع ، حدثنا هشام بن الغاز ، عن ربيعة الجرشي ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : قلت لابن عباس أقصر إلى عرفة ؟ قال : لا . قلت : أقصر إلى الطائف أو إلى عسفان ؟ قال : نعم . وذلك ثمانية وأربعون ميلا وعقد بيده .

8027 - قال : وحدثنا وكيع ، قال : حدثنا شعبة ، عن رجل يقال له شبيل ، عن أبي حبرة ، قال : قلت لابن عباس أقصر إلى بلد ؟ قال : تذهب وتجيء في يوم ؟ قال : قلت نعم ، قال : لا إلا في يوم تام .

8028 - قال أبو عمر : هو شبيل بن عزرة ، كوفي ، ثقة ، وأبو حبرة اسمه [ ص: 86 ] شيحة بن عبد الله ، كوفي ، ثقة .

8029 - قال أبو عمر : قول ابن عباس هذا ، لا يشبه أن يكون رأيا ولا يكون مثله إلا توقيفا ، والله أعلم ، ولا أعلم عن ابن عباس خلافا إلا ما ذكره أبو بكر .

8030 - قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : إذا كان سفرك يوما إلى العتمة فلا تقصر الصلاة ، فإن جاوزت ذلك فاقصر .

8031 - قال أبو عمر : قول ابن عباس : اختلف الفقهاء - أئمة الفتوى - بالأمصار في مقدار ما يقصر إليه الصلاة من المسافة :

8032 - فذهب مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، والأوزاعي ، والليث بن سعد : إلى أن الصلاة لا يقصرها المسافر إلا في سيره اليوم التام بالبغل الحسن السير .

8033 - وهو قول أحمد ، وإسحاق ، والطبري .

8034 - وقد قال بعضهم : يوما وليلة .

4035 - ومعلوم أن الليل ليس بوقت سير لمن مشى بالنهار ، ولكنه تأكيد باليوم التام في أيام الصيف ، أو ما كان مثله في المسافة من أيام الشتاء .

8036 - وقدره مالك بأربعة برد : ثمانية وأربعون ميلا .

8037 - قال الشافعي ، والطبري : ستة وأربعون ميلا .

8038 - وهذا أمر متفاوت .

8039 - ومن قال بما وصفنا من مسيره اليوم التام ، وتقديره : ما قاله لهم ابن [ ص: 87 ] عباس ، وابن عمر ، على ما ذكرنا عنهما .

8040 - وقال الكوفيون ; سفيان الثوري ، والحسن بن صالح ، وشريك ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : لا يقصر المسافر الصلاة إلا في المسافة البعيدة المحتاجة إلى الزاد والمزاد من الأفق إلى الأفق .

8041 - قال سفيان ، وأبو حنيفة : أقل ذلك ثلاثة أيام ، لا يقصر الصلاة مسافر في أقل من ثلاثة أيام كاملة .

8042 - ومن السلف من ذهب هذا المذهب : عثمان بن عفان ، وابن مسعود ، وحذيفة بن اليمان .

8043 - روى سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : حدثني من سمع كتاب عثمان إلى عبد الله بن عباس يقول : بلغني أن قوما يخرجون في جشرهم ، إما في تجارة ، وإما في جباية ، فيقصرون الصلاة ، وأنه لا تقصر الصلاة إلا في سفر بعيد ، أو حضرة عدو .

8044 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثنا إسماعيل ابن علية ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : حدثني من قرأ كتاب عثمان أو قرئ عليه : أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يخرجون إلى سوادهم إما في جشرة ، أو في جباية ، وإما في تجارة ، فيقصرون الصلاة ، فلا يفعلوا فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا أو بحضرة عدو .

8045 - قال : وحدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، ومسعر ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : قال ابن مسعود : لا يغرنكم سوادكم من [ ص: 88 ] صلاتكم فإنما هو من كوفيكم .

8046 - قال : وحدثني علي بن مسهر ، عن الشيباني ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود مثله . إلا أنه قال فإنه من مصركم .

8047 - وروي عن معاذ بن جبل ، وعقبة بن عامر ، مثله .

8048 - قال : وحدثنا ابن فضيل ، عن حجاج ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : كان أصحاب عبد الله لا يقصرون إلى واسط ، والمدائن ، وأشباههما .

8049 - قال : وحدثنا هشيم ، عن مغيرة ، أن الحارث قال لإبراهيم : أتقصر الصلاة إلى المدائن ؟ قال : إن المدائن لقريب ، ولكن إلى الأهواز .

8050 - قال : وحدثنا وكيع ، قال : حدثنا الحسن بن صالح ، وإسرائيل ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن علقمة ، قال : إنما تقصر الصلاة في مسيرة ثلاث .

8051 - قال : وحدثنا أبو الأحوص ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، قال : كانوا يقولون السفر الذي يقصرون الصلاة فيه الذي يحمل فيه الزاد والمزاد .

8052 - وذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : كنت مع حذيفة بالمدائن ، فاستأذنته أن آتي أهلي بالكوفة ، فأذن لي ، وشرط علي أن لا أقصر ولا أصلي ركعتين حتى أرجع إليه .

8053 - وأخبرنا الثوري ، عن خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، أنه [ ص: 89 ] قال : لا تغتروا بتجارتكم وأجشاركم . تسافرون إلى آخر السواد وتقولون : إنا قوم سفر إنما المسافر من أفق إلى أفق .

8054 - قال : وأخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرنا عبد الكريم الجزري ، عن ابن مسعود ، وحذيفة ، أنهما كانا يقولان لأهل الكوفة : لا يغرنكم جشركم ولا سوادكم ، لا تقصروا الصلاة إلى السواد . قال : وبينهم وبين السواد ثلاثون فرسخا .

8055 - قال : وأخبرنا ابن جريج ، عن نافع ، قال : أقل مكان يقصر فيه ابن عمر الصلاة إلى خيبر - وهي مسيرة ثلاث قواصد .

8056 - قال : وأخبرنا إسرائيل ، عن عامر بن شقيق ، قال : سألت شقيق بن سلمة ، قلت : أخرج إلى المدائن وإلى واسط ؟ قال : لا تقصر الصلاة .

8057 - قال : وأخبرنا أبو حنيفة ، عن حماد ، قال : سألت إبراهيم ، وسعيد بن جبير ، في كم تقصر الصلاة ؟ قالا : في مسيرة ثلاثة .

8058 - قال عبد الرزاق : سمعت الثوري يقول : قولنا الذي نأخذ به : ألا تقصر الصلاة إلا في مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا . قلت : من أجل ما أخذت به ؟ قال : لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " لا تسافر امرأة فوق ثلاث إلا مع ذي محرم " .

[ ص: 90 ] 8059 - قال أبو عمر : ليس في هذا حجة ; لأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تسافر امرأة مسيرة ثلاث . وروي عنه عليه الصلاة والسلام مسيرة يومين أو ليلتين . وروي عنه يوما وليلة . وروي عنه : " لا تسافر امرأة بريدا إلا مع ذي محرم " .

8060 - وقد تكلمنا على معانيها في كتاب الحج ، وذكرنا كل حديث منها هناك بإسناده .

8061 - وقال الحسن البصري ، وابن شهاب الزهري : تقصر الصلاة في مسيرة يومين ، ذكره عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن الزهري ، وعن الثوري ، عن يونس ، عن الحسن .

8062 - وقالت طائفة من أهل الظاهر : يقصر الصلاة كل مسافر في كل سفر ، قصيرا كان أو طويلا ، ولو ثلاثة أميال .

8063 - وقال داود : إن سافر في حج ، أو عمرة ، أو غزو ، قصر الصلاة في قصير السفر وطويله .

8064 - ومن حجتهم من ظاهر قول الله - عز وجل - : " وإذا ضربتم في الأرض " [ النساء : 101 ] لم يحد مقدارا من المسافة .

8065 - وقد نقض داود ومن قال بقوله من أهل الظاهر أصلهم هذا ; لأنه - عز وجل - لم يقل : وإذا ضربتم في الأرض في حج أو عمرة .

8066 - واحتج بعضهم بحديث أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، [ ص: 91 ] أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر سار فرسخا ثم نزل قصر الصلاة .

8067 - والحديث حدثناه سعيد ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر الصلاة .

8068 - وأبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين : منكر الحديث عند جميعهم ، متروك ، لا يكتب حديثه ، وقد نسبه حماد بن زيد إلى الكذب ، قال : وكان يروي بالغداة شيئا وبالعشي شيئا .

8069 - وقال عباس ، عن ابن معين ، قال : أبو هارون العبدي كانت عنده صحيفة يقول فيها : هذه صحيفة الوصي ، وكان عندهم لا يصدق في حديثه .

8070 - وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن هارون العبدي ، فقال : ليس بشيء .

8071 - قال أبو عمر : على أن عبد الرزاق رواه عن هشيم ، قال : أخبرني أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فرسخا [ ص: 92 ] ثم نزل يقصر الصلاة .

8072 - وهذا على ما رواه مطرف ، وابن الماجشون ، عن مالك ، على ما ذكرنا في أول هذا الباب .

8073 - واحتجوا بحديث محمد بن المنكدر ، وإبراهيم بن ميسرة ، عن أنس قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين .

8074 - قالوا : فمن سافر في مثل هذه المسافة ، أو مثلها ، قصر الصلاة .

8075 - وهذا جهل بالحديث ; لأن حديث أنس هذا إنما هو في خروجه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى ذي الحليفة في حجة الوداع .

8076 - ذكر البخاري ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة الظهر أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين . وسمعتهم يصرخون بهما جميعا .

8077 - قال أبو عمر : يعني أحرموا بالحج والعمرة جميعا من ذي الحليفة يومئذ .

[ ص: 93 ] 8078 - وذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : صليت الظهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا ، وصليت معه بذي الحليفة ركعتين ، وكان خرج مسافرا .

8079 - قال أبو عمر : هذا أول حديث أدخله عبد الرزاق في " باب متى يقصر إذا خرج مسافرا " .

8080 - قال : وأخبرني ابن جريج ، قال : أخبرني ابن المنكدر ، عن أنس بن مالك ، أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة الظهر أربعا ، ثم خرج فصلى معه بذي الحليفة العصر ركعتين ، والنبي يريد مكة .

8081 - فقد بان برواية ابن جريج ، عن محمد بن المنكدر ، عن أنس ، وبرواية أبي قلابة ، عن أنس ، أن قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة ، إنما كان في حين خروجه من المدينة مسافرا إلى مكة .

8082 - حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، وعارم ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين ، [ ص: 94 ] وسمعتهم يصرخون بهما جميعا .

8083 - وذكر وكيع ، قال : حدثنا زكريا ، عن عامر الشعبي ، قال : كان النبي إذا خرج مسافرا قصر الصلاة من ذي الحليفة .

8084 - قال أبو عمر : قد مضى في أول هذا الباب حديث ابن عمر أنه كان إذا خرج مسافرا قصر الصلاة بذي الحليفة .

8085 - قال : وذكرنا الاختلاف في الحال والموضع الذي يبدأ فيه المسافر بقصر الصلاة إذا خرج من مصره ، وهذه الآثار في ذلك المعنى .

8086 - واحتج داود أيضا ومن قال بقوله من أهل الظاهر ، بحديث شعبة ، عن يحيى بن يزيد الهنائي ، قال : سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة ، فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أيام ، أو ثلاثة فراسخ - شعبة الشاك - صلى ركعتين .

8087 - وأبو يزيد يحيى بن يزيد الهنائي شيخ من أهل البصرة ، ليس مثله ممن يحتمل أن يحمل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة التابعين ، ولا هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل .

8088 - وقد يحتمل أن يكون أراد ما تقدم ذكره من ابتدأ قصر الصلاة إذا خرج ومشى ثلاثة أميال على نحو ما قاله وذهب إليه بعض أصحاب مالك ، فلم [ ص: 95 ] يحسن العبارة عنه .

8089 - واحتجوا أيضا بحديث شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط ، أن عمر صلى بذي الحليفة ركعتين ، فقلت له ، فقال : أصنع كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع .

8090 - وهذا الحديث لا حجة فيه لأن عمر إنما صنع ذلك وهو مسافر إلى مكة وكذلك صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

8091 - حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عبيد بن سعيد ، عن شعبة عن يزيد بن خمير ، قال : سمعت حبيب بن عبيد يحدث عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط ، قال : شهدت عمر بذي الحليفة ، وهو يريد مكة صلى ركعتين ، فقلت له : لم تفعل هذا ؟ فقال : إنما أصنع كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع .

8092 - واحتجوا أيضا بما حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، عن النزال : أن عليا خرج إلى النخيلة ، فصلى بها الظهر والعصر ركعتين ركعتين ، ثم رجع من يومه فقال : إني أعلمكم بسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - .

8093 - وهذا إسناد فيه من الضعف والوهن ما لا ( خفاء ) به .

8094 - وجويبر متروك الحديث لا يحتج به لإجماعهم على ضعفه .

[ ص: 96 ] 8095 - وخروج علي - رضي الله عنه - إلى النخيلة ، معروف أنه كان مسافرا سفرا طويلا .

8096 - فإن احتجوا بما ذكره أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي الورد ، عن اللجلاج ، قال : كنا نسافر مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فنسير ثلاثة أميال ، فيتجوز في الصلاة .

8097 - فإن اللجلاج ، وأبا الورد مجهولان ، ولا يعرفان في الصحابة ، ولا في التابعين .

8098 - واللجلاج قد ذكر عن الصحابة ولا يعرف فيهم ولا في التابعين ، وليس في نقله حجة .

8099 - وأبو الورد أشر جهالة وأضعف نقلا ، ولو صح احتمل ما وصفنا [ ص: 97 ] قبل ، والله أعلم .

8100 - وكذلك ما روي عن ابن مسعود أنه قصر في أربعة فراسخ ، منكر غير معروف من مذهب ابن مسعود .

8101 - وكذلك ما حكاه الأوزاعي ، عن أنس بن مالك ، أنه كان يقصر الصلاة في خمسة فراسخ ، وذلك خمسة عشر ميلا ليس بالقوي ; لأنه منقطع ليس يحتج بمثله .

8102 - قال الأوزاعي : وكان قبيصة بن ذؤيب ، وهانئ بن كلثوم ، وعبد الله بن محيريز ، يقصرون الصلاة فيما بين الرملة وبيت المقدس .

8103 - قال الأوزاعي : وعامة العلماء يقولون : مسيرة يوم تام . قال وبه نأخذ .

8104 - قال أبو عمر : هو كما قال الأوزاعي ، وجمهور العلماء ، لا يقصرون الصلاة في أقل من أربعة برد - وهو مسيرة يوم تام بالسير القوي الحسن الذي لا إسراف فيه ، ومن احتاط فلم يقصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام كاملة فقد أخذنا بالأوثق ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية