الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
409 382 - وأما حديثه في هذا الباب أيضا عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان أنه قال : كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسند ظهره إلى جدار القبلة ، فلما قضيت الصلاة انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر ، فقال عبد الله بن عمر : ما منعك أن تنصرف عن يمينك ؟ قال : قلت : رأيتك فانصرفت إليك . قال عبد الله : فإنك قد أصبت ، إن قائلا يقول : انصرف على يمينك ، فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت ، إن شئت على يمينك وإن شئت على يسارك .


9113 - هكذا الحديث عند يحيى عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن [ ص: 302 ] محمد بن يحيى بن حبان ، وتابعه طائفة من رواة " الموطأ " .

9114 - ورواه أبو مصعب وغيره في " الموطأ " عن مالك ، عن محمد بن يحيى بن حبان . لم يذكروا يحيى بن سعيد .

9115 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا يحيى بن عبيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، فذكر مثله سواء إلى آخره ، وفيه الاستناد إلى جدار القبلة في المسجد ، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يفعله من يستقبل المصلي ، ولا ينبغي للمصلي أن يبتدئ صلاته موجها بها غيره ; فهذا مكروه .

9116 - وروى سفيان عن سعيد ، عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أبصر رجلا يصلي وآخر مستقبله فضربهما جميعا .

9117 - وأما انصراف المصلي إذا سلم عن يمينه أو يساره ، فإن السنة أن ينصرف كيف شاء .

9117 - روى شعبة ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت قبيصة بن ذؤيب [ ص: 303 ] يحدث عن أبيه أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآه ينصرف عن شقيه .

9119 - ووكيع عن الأعمش ، عن عمارة ، عن الأسود ، قال : قال عبد الله : لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءا ألا يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه ، فإن أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله .

9120 - وأكثر أهل العلم على أنه الأفضل الانصراف من الصلاة على اليمين ، وأنه كالانصراف على الشمال سواء .

9121 - وكذلك روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : انصرف نحو حاجتك إن شئت عن يمينك وإن شئت عن شمالك .

9122 - وقال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لرجل رآه قد انصرف عن شماله : أصبت السنة .

9123 - وكان الحسن وطائفة من أهل العلم يستحبون الانصراف من الصلاة على اليمين ; لحديث وكيع وغيره عن سفيان ، عن السدي ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينصرف عن يمينه لما تقدم ذكره .

[ ص: 304 ] 9124 - وأما قوله كان - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن في أمره كله في طهوره وانتعاله ، فقد بان بما ذكرنا أن ذلك في غير انصرافه من الصلاة ; لأنه كان ينصرف منها عن يمينه وعن شماله .

9125 - وقال ابن مسعود : أكثر ما كان ينصرف عن شماله .

9126 - فلما خص في طهوره وانتعاله دل على خصوص ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية