الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
37 [ ص: 54 ] 39 - مالك ، عن يحيى بن محمد بن طحلاء ، عن عثمان بن عبد الرحمن ؛ أن أباه حدثه ، أنه سمع عمر بن الخطاب يتوضأ بالماء [ وضوءا ] لما تحت إزاره . يريد الاستنجاء .


1370 - يحيى بن محمد بن طحلاء مديني مولى لبني ليث ، وروي عنه ، وعن أخيه يعقوب بن محمد بن طحلاء الحديث . ويحيى قليل الحديث جدا .

1371 - وأما عثمان بن عبد الرحمن فمديني أيضا قرشي تيمي ، وهو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله يجتمع مع طلحة في عبيد الله .

1372 - أدخل مالك هذا الحديث في الموطأ ردا على من قال عن عمر : إنه [ ص: 55 ] كان لا يستنجي بالماء ، وإنما كان استنجاؤه هو وسائر المهاجرين بالأحجار ، وذكر قول سعيد بن المسيب في الاستنجاء بالماء : إنما ذلك وضوء النساء ، وقول حذيفة : لو استنجيت بالماء لم تزل يدي في نتن .

1373 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة : أنه سئل عن الاستنجاء بالماء ، فقال : إذا لا تزال يدي في نتن .

1374 - وهو مذهب معروف عن المهاجرين .

1375 - وأما الأنصار فمشهور عنهم أنهم كانوا يتوضئون بالماء . ومنهم من كان يجمع بين الطهارتين فيستنجي بالأحجار ، ثم يتبع آثار الأحجار الماء .

1376 - قال الشعبي : لما نزلت : " فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " [ التوبة : 108 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا أهل قباء ! ما هذا الثناء الذي أثنى الله عليكم ؟ قالوا : ما منا أحد إلا وهو يستنجي في الخلاء بالماء " .

1377 - وعن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام مثل هذا المعنى سواء في أهل قباء ، وزاد : إنا لنجده مكتوبا عندنا في التوراة : الاستنجاء بالماء .

1378 - ولا خلاف أن قوله تعالى : " يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " نزلت في أهل قباء لاستنجائهم بالماء .

[ ص: 56 ] 1379 - وذكر فيه أبو داود حديثا مسندا ذكرناه في " التمهيد " .

1380 - وروت معاذة العدوية عن عائشة ، قالت : " مرن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول بالماء ؛ فإن رسول الله كان يفعله " .

1381 - والماء عند فقهاء الأمصار أطهر وأطيب ، وكلهم يجيز الاستنجاء بالأحجار على ما مضى في هذا الكتاب عنهم ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية