الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
524 - أنه بلغه أن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من نبي يموت حتى يخير " ، قالت : فسمعته يقول : " اللهم الرفيق الأعلى " ، فعرفت أنه ذاهب .


11815 - يفسر ما قبله كأنها قالت : إنه خير بين البقاء في الدنيا وبين المصير إلى الله فاختار الرفيق الأعلى ، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخير بين الدنيا والآخرة إلا اختار الآخرة ، لأن الدنيا فانية ، وما مضى منها وإن كان طويلا فكالحلم إذا انقضى ، ودار البقاء في الخير الدائم أولى باختيار ذوي النهى .

11816 - وليس في مسند مالك ذكر التخيير وإنما ذكره فيما بلغه وقد [ ص: 347 ] ذكرناه فيما في بلاغاته في ( التمهيد ) مسندا من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من نبي مرض إلا خير بين الدنيا والآخرة " .

11817 - قالت : فلما كان في مرضه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة ، فسمعته يقول : " مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " النساء 69 ، فعلمت أنه خير .

11818 - وهذا يقتضي معنى حديث بلاغ مالك ويعضده ، وقد روي من وجوه أن الله ( عز وجل ) خيره صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ، من حديث مالك وغيره عن أبي النضر ، وخير أن يؤتى مفاتيح خزائن الأرض أو ما عند الله ، فاختار ما عند الله .

11819 - والآثار في ذلك كثيرة صحاح ذكرنا منها في ( التمهيد ) حديث عائشة خاصة لقول مالك إنه بلغه عن عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية