الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
565 526 - مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " .


11852 - تابع يحيى قوم على قوله " تأكله الأرض " وقالت طائفة : يأكله التراب والمعنى واحد .

11853 - وعجب الذنب معروف ، وهو العظم في الأسفل بين الإليتين الهابط من الصلب يقال لطرفه : العصعص . ويقال : عجب الذنب وعجم الذنب وهو أصله .

11854 - وظاهر هذا الحديث وعمومه يوجب أن يكون بنو آدم في ذلك كلهم سواء إلا أنه قد روي في أجساد الأنبياء وأجساد الشهداء أن الأرض لا تأكلهم ، [ ص: 356 ] وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم .

11855 - وهذا دليل على أن اللفظ في ذلك لفظ عموم يراد به الخصوص والله أعلم .

11856 - فكأنه قال كل من تأكله الأرض فإنه لا يؤكل منه عجب الذنب .

11857 - وإذا جاز أن لا تأكل الأرض عجب الذنب جاز أن لا تأكل الشهداء .

11858 - وذلك كله حكم الله وحكمته وليس في حكمه إلا ما شاء وإنما يعرف من هذا ما عرفنا به ويسلم له إذا جهل عليه لأنه ليس برأي ، ولكنه قول من يجب التسليم له صلى الله عليه وسلم .

11859 - وقد ذكرنا في ( التمهيد ) حديث جابر قال : استصرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد .

وأجرى معاوية بن أبي سفيان العين ، واستخرجناهم بعد ست وأربعين سنة لينة أجسادهم تمشي أطرافهم .

11860 - وأما قوله : " منه خلق وفيه يركب " فيدل على أنه ابتدأ خلقه وتركيبه من عجب الذنب ، وهذا لا يدرك إلا بخبر ولا خبر عندنا فيه مفسر وإنما فيه جملة ما جاء في هذا الخبر .

11861 - وأما الأحاديث في خلق آدم عليه السلام فقد ذكرنا منها في [ ص: 357 ] ( التمهيد ) بعض ما وصلنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية