الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا وجد بعض الميت أو عضو من أعضائه غسل وصلي عليه .

وقال أبو حنيفة : يصلي على أكثره ولا يصلي على أقله ، والاعتبار بالرأس قياسا على ما قطع من أعضاء الحي .

والدلالة على ما قلنا أن طائرا ألقى يدا بمكة من وقعة الجمل ، فعرفت بالخاتم ، فصلى عليه الناس ، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، وروي أن أبا عبيدة بن الجراح صلى على رءوس القتلى بالشام ، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى على عظام بالشام ، وليس لمن ذكرنا مخالف فثبت أنه إجماع ، فأما العضو المقطوع من الإنسان فقد اختلف أصحابنا في وجوب غسله والصلاة عليه على وجهين

أحدهما : يغسل ويصلى عليه كالعضو المقطوع من الميت . والوجه الثاني : لا يغسل ولا يصلى عليه ، وهو أصح .

والفرق بينهما : أن عضو الحي إنما لم يصل عليه لأنه لا يصلى على جملته الباقية ، ولما صلى على الميت صلى على بعضه ، فإذا ثبت أنه يصلي على ما وجد من أعضاء الميت وأبعاضه فقد اختلف أصحابنا هل ينوي الصلاة جملة الميت أو ما وجد منه ؟ على وجهين :

أحدهما : ينوي بالصلاة ما وجد من أعضائه لا غير بعد غسل العضو وتكفينه ، فإن لم يكفنه جاز ، إلا أن يكون العضو من عورة الميت فلا بد من تكفينه ودفنه بعد الصلاة عليه .

والوجه الثاني : أنه ينوي بالصلاة جملة الميت ؛ لأن حرمة العضو لزمته لحرمة جملته ، إلا أن يعلم أن جملة الميت قد صلى عليه ، فيخص بالصلاة العضو الموجود وجها واحدا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية