الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ارتد فحال الحول على غنمه أوقفته ، فإن تاب أخذت صدقتها وإن قتل كانت فيئا خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها لأهل الفيء " .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ارتد رب المال عن الإسلام فله حالان :

أحدهما : أن يكون بعد الحول .

والثاني : أن يكون قبله . فإن كانت ردته بعد الحول فالزكاة عليه واجبة ، سواء مات أو قتل ، وسواء قيل : إن إمكان الأداء من شرائط الضمان أو من شرائط الوجوب ، وإن كانت ردته قبل الحول ، ثم بقي مرتدا حتى حال الحول ففيه قولان منصوصان وقول ثالث مختلف في تخريجه ، وكل ذلك بناء على ملكه هل يكون ثابتا أو موقوفا ، أو زائلا ؟ فأحد الأقاويل وهو المنصوص عليه في هذا الموضع : أن ملكه موقوف ، فإن عاد إلى الإسلام أخذت منه الزكاة ، وإن قتل مرتدا أو مات كان ماله فيئا لأهل الفيء . والقول الثاني : أن ملكه ثابت فإذا حال حوله أخذت زكاته سواء تاب أو قتل .

فأما القول الثالث : وهو زوال ملكه فقد اختلف أصحابنا في تخريجه ، لاختلافهم في تأويل لفظة ذكرها الشافعي في كتاب التدبير فقال : " لأن ملكه خارج عنه " فكان أبو العباس يقول : معناه إنه خارج من تصرفه ، ويمتنع من تخريج قول ثالث ، وكان أبو إسحاق المروزي يقول : " إن معناه أنه خارج عن ملكه " ويخرج قولا ثالثا : أن ملكه زائل فعلى هذا لا زكاة عليه . وقد بطل حكم ما مضى من الحول ، فإن عاد إلى الإسلام وتاب ، استأنف حولا . وسنذكر توجيه الأقاويل في موضعه إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية