الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 136 ] باب صدقة الخلطاء

قال الشافعي رضي الله عنه : " جاء الحديث ألا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " .

قال الماوردي : وهذا صحيح . الملكة من المواشي ضربان : الأول ، خلطة أعيان .

والثاني : خلطة أوصاف ، والحكم فيهما سواء ، إذا كانت شرائط الخلطة فيهما موجودة ، على ما سنذكره ، وقد اختلف الفقهاء هل يراعى في زكاتها المال أو الملاك ، على ثلاثة مذاهب :

أحدها : وهو مذهب الشافعي أن المراعى فيه المال دون الملاك ، فإذا كانت أربعون من الغنم بين خليطين أو خلطاء زكوا زكاة الواحد ، وكان على جماعتهم شاة ، ولو كانت مائة وعشرين شاة بين ثلاثة أنفس كان عليهم شاة ، على كل واحد منهم ثلثها ، وبه قال عطاء ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق .

المذهب الثاني : قاله أبو حنيفة والثوري : أن المراعى الملاك . وأن الخليطين يزكيان زكاة الاثنين ، فإذا كان بينهما أربعون من الغنم فلا زكاة على واحد منهما ؛ لأن ماله دون النصاب ولو كان ثمانون شاة وجب على كل واحد منهم شاة ، ولو كانت مائة وعشرين بين ثلاثة وجب عليهم ثلاث شياه ، وليس لخلطهم تأثير في الزكاة .

والمذهب الثالث : قاله مالك : إن كان لكل واحد من الخليطين نصاب زكيا زكاة الواحد كقول الشافعي ، وإن كان لكل واحد منهم أقل من نصاب فحكمه حكم الانفراد كقول أبي حنيفة ، كان يقول في خليطين بينهما أربعون شاة لا زكاة عليهما ، ولو كان بينهما ثمانون كان عليهما شاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية