الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ومن فروع هذا الأصل ، رجل معه مائتا شاة ، فعجل أربع شياه عن أربعمائة شاتين منهما عن هاتين المائتين وشاتين عن نتاجها إن بلغ مائتين ، فحال الحول وقد نتجت مائتين ، تمام أربعمائة ، فقد أجزأته الشاتان عن المائتين المأخوذة ، وهل يجزيه الشاتان الأخريان عن المائتين النتاج أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يجزئه ؛ لأن السخال إذا نتجت في أثناء الحول كانت كالموجودة في ابتداء الحول ، ثم ثبت أن الأربعمائة لو كانت موجودة قبل الحول أجزأه تعجيل أربع شياه ، فكذلك إذا نتجت في أثناء الحول .

والوجه الثاني : لا يجزئه ؛ لأن التعجيل عنها سابق لوجودها ، كما لو كان معه دون الأربعين فعجل شاة منها ثم تمت أربعين بنتاجها لم يجزه ، كذلك هذا لا يجزئه ؛ لأن التعجيل عنها سابق لوجودها كما لو كان معه دون الأربعين فعجل شاة منها ثم تمت أربعين بنتاجها لم يجزه هكذا فإن قيل : ما الفرق بين النتاج والربح ، حيث جوزتم تعجيل الربح قبل وجوده ، ومنعتم من تعجيل النتاج قبل وجودها ، وكلاهما تبع لأصله في حوله ؟

قيل : هما مستويان في الحول ، ويفترقان في التعجيل .

ووجه افتراقهما فيه أن النصاب في مال التجارة يعتبر عند الحول لا فيما قبل ، ألا ترى لو نقصت قيمة السلعة عن النصاب قبل الحول ثم تمت نصابا عند الحول لم يكن النقص المتقدم مانعا من إيجاب الزكاة ، وليس كذلك الماشية ؛ لأن النصاب فيها معتبر في أثناء الحول ، ألا ترى لو نقصت عن النصاب قبل الحول ثم تمت نصابا عند الحول لم يكن النقص المتقدم مانعا من إيجاب الزكاة ، وليس كذلك الماشية ؛ لأن النصاب فيها معين في أثناء الحول ، ألا ترى لو نقصت عن النصاب قبل الحول ثم تمت نصابا عند الحول كان النقص المتقدم مانعا من إيجاب الزكاة ، فلذلك ما افترقا في التعجيل ، فلو كان معه أربعون شاة فعجل زكاتها شاة ، ثم نتجت أربعين ، ثم ماتت الأمهات وبقي النتاج ، فإن قيل : فيما قيل : بجواز التعجيل عن الأصل والنتاج ، كانت الشاة التي عجلها عن الأمهات مجزأة عن النتاج ، فإن قيل : بإبطال التعجيل فيما تقدم لم تكن الشاة التي عجلها عن الأمهات مجزية عن النتاج ، ولزمه إخراج زكاتها ، ولكن لو كان معه أربعون شاة فنتجت أربعين سخلا فعجل منها شاة ثم ماتت الأمهات وبقيت السخال أجزأته الشاة المعجلة عن السخال الباقية على الوجهين جميعا ، لوجودها قبل التعجيل . والله أعلم .

[ ص: 176 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية