الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن باعه في تضاعيف الحول وهي مسألة الكتاب ، فالكلام فيها يتعلق بالمائة الزائدة ، هل يستأنف لها الحول من وقت حصولها ، أو يبني حولها على حول أصلها ؟ فقال الشافعي هاهنا : " يستأنف لها الحول ولا تضم إلى أصل " ، وقال في كتاب " القراض " ما يقتضي أنها تضم إلى الأصل : لأنه قال : " وإذا قارضه بألف فاشترى سلعة فحال الحول ، وهي تسوي ألفين ففيها قولان :

أحدهما : أن زكاة الجميع على رب المال .

والثاني : أن زكاة رأس المال وحصته من الربح على رب المال - إلى آخر الفصل - فكان هذا القول دليلا على ضم الزيادة إلى الأصل فاختلف أصحابنا على ثلاثة مذاهب . أحدها : وهو قول أبي العباس بن سريج أن المسألة على اختلاف حالين ، فالذي قاله هنا أنه يستأنف بالزيادة الحول ، ولا يضمها إلى الأصل هو إذا ظهرت الزيادة وقت البيع ، والذي قاله في القراض أنها تضم إلى الأصل ولا يستأنف لها الحول إذا ظهرت الزيادة ، وقت الشراء فاختلف قوله : لاختلاف الحالين في ظهور الزيادة .

[ ص: 287 ] والمذهب الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يستأنف بالزيادة الحول ولا يضمها إلى الأصل قولا واحدا ، سواء ظهرت وقت الشراء أو وقت البيع ، وهو ما نص عليه هاهنا ، وما قاله في " القراض " موافق لهذا : لأنه قال : " يزكي رأس المال أو ربحه إذا حال الحول " يعني : كل واحد منهما فحول الربح من يوم نض ، وحول رأس المال من يوم ملك ، وهذا أشبه بتأويل قوله :

والمذهب الثاني : وهو قول أبي القاسم الأنماطي وأبي إسحاق المروزي : إذ المسألة على قولين :

أحدهما : أن تضم الزيادة إلى الأصل ولا يستأنف لها الحول على ما قاله في " القراض " ، وهو قول أبي حنيفة واختيار المزني : لأنه لما وجب ضم الزيادة إلى الأصل إذا وجدت عند حلول الحول وجب أن تضم إلى الأصل ، وإن وجدت في تضاعيف الحول ، لأنها في كل الحالين من نماء الأصل .

والقول الثاني : يستأنف لها الحول ولا تضم إلى الأصل على ما قاله هاهنا : لقوله صلى الله عليه وسلم : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولأنها زيادة حصلت باجتلابه ، فوجب أن يستأنف لها الحول كالمستفاد بمغنم أو هبة ، والقول الأول أصح : لأنها عندي إذا أضمت الزيادة الموجودة عند حلول الحول ، فهلا ضمت الزيادة الموجودة في تضاعيفه ؟ إذ هما سواء لا فرق بينهما ومن تكلف الفرق بينهما كان فرقه واهيا وتكلفه عماء ، فلو اشترى عرضا بمائتي درهم ثم باعه بعد ستة أشهر بثلاثمائة درهم ، ثم اشترى بالثلاثمائة عرضا ثم باعه بعد شهر بأربعمائة ، فإن قيل : تضم المائة الحاصلة إلى أصله بالربح الأول ضمت المائة الحاصلة بالربح الثاني ، فإذا حال حول المائتين أخرج زكاة أربعمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية