الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان اشترى العرض بمائتي درهم لم يقوم إلا بدراهم ، وإن كان الدنانير الأغلب من نقد البلد " .

[ ص: 294 ] قال الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا اشترى عرضا بعرض أنه يقوم بغالب نقد البلد فأما إذا اشتراه بدراهم أو دنانير فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون الثمن نصابا إما مائتي درهم أو عشرين دينارا ، فهذا يقومه بما اشتراه به ، وإن كان غالب نقد البلد غيره فإن اشتراه بمائتي درهم قومه بها ، وإن كان غالب نقد البلد دنانير ، وإن اشتراه بعشرين دينارا قومه بها ، وإن كان غالب نقد البلد دراهم ، وإذا اشتراه بمائتي درهم وعشرين دينارا قوم بالدراهم ما قابلها ، وبالدنانير ما قابلها .

وقال أبو حنيفة : يقومه بغالب نقد البلد وهو قول ابن الحداد المصري من أصحابنا ، قال : لأن القيم لا تعتبر إلا بغالب النقد كالمتلفات وهذا غلط : لأن العرض فرع لثمنه وتقويم الفرع بأصله إذا كان له في القيمة مدخل أولى من تقويمه بغيره : لأنه قد جمع معنيين لم يجمعهما غيره .

أحدهما : أن حوله يعتبر به .

والثاني : أن له مدخلا في التقويم ، أو لا ترى أن الحائض ترد إلى أيامها فإذا عدمتها ردت إلى الغالب ، وكذلك في هذا الموضع فأما المتلفات فإنما قومت بالغالب لعدم ما هو أولى منه .

والضرب الثاني : أن يكون الثمن أقل من نصاب فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون الثمن جنسا واحدا .

والثاني : أن يكون جنسين فإن كان جنسا واحدا كأنه اشتراه بمائة درهم ، أو عشرة دنانير فعلى وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق يقوم بغالب نقد البلد : لأنه لما لم يبن حوله على ثمنه لم يقومه بثمنه .

والوجه الثاني : يقوم بنفسه وهو أصح : لأنه فرعه فكان أولى به ، وإن كان الثمن جنسين كأنه اشتراه بمائة درهم وبعشرة دنانير ففيه ثلاثة أوجه :

[ ص: 295 ] أحدها : يقوم بغالب نقد البلد .

والثاني : بثمنه فيقوم بالدراهم ما قابلها وبالدنانير ما قابلها .

والثالث : يقوم بالدراهم لأنها أصل وطريقها النص ، والدنانير بيع وطريقها الاجتهاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية