الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان يملك أقل مما تجب في مثله الزكاة زكى ثمن العرض من يوم ملك العرض : لأن الزكاة تحولت فيه بعينها ألا ترى أنه لو اشتراه بعشرين دينارا وكانت قيمته يوم يحول الحول أقل سقطت عنه الزكاة : لأنها تحولت فيه وفي ثمنه إذا بيع لا فيما اشتري به " .

قال الماوردي : وأما إذا اشترى عرضا بنصاب من دراهم أو دنانير ، فأول حوله من حين ملك الدراهم والدنانير وقد دللنا عليه ، فأما إذا اشترى عرضا بدون النصاب كأن اشترى بمائة درهم أو بعشرة دنانير فالزكاة فيه جارية ، ويكون أول حوله من حين اشتراه ، لا من حين ملك الثمن ، وقال أبو حنيفة : إن كانت قيمته وقت الشراء نصابا جرت فيه الزكاة ، ولا يؤثر نقصان قيمته في أثناء الحول ، وإن كانت قيمته أقل من نصاب فلا زكاة فيه ، وهو مذهب أبي العباس بن سريج ، وقال بعض أصحابنا : يعتبر فيه النصاب عند الشراء وفي أثناء الحول ، وإن نقصت قيمته في شيء من الحول عن النصاب استأنف حوله ، واستدل أبو حنيفة ومن تابعه بقوله صلى الله عليه وسلم : لا زكاة على مال حتى يحول عليه الحول والزيادة الحادثة في أثناء الحول ، لم يحل الحول عليها ، فلم تجب الزكاة فيها ، قالوا : ولأن الزكاة تجب في القيمة ، وتجب في العين فلما كان ما تجب الزكاة في عينه ، لا بد من اعتبار النصاب في حوله ، كذلك ما تجب الزكاة في قيمته ، لا بد من اعتبار النصاب في حوله كذلك ما تجب الزكاة في قيمته ، لا بد من اعتبار النصاب في حوله .

وتحرير ذلك قياسا : أنه مال ناقص عن النصاب فوجب أن لا يبتدأ حوله كالمواشي ، ولأن ربح التجارة مما يتبع أصل المال في حوله ، كما أن سخال المواشي تبع لأمهاتها في حولها ، فلما لم تدخل السخال في حول الأمهات إلا أن تكون نصابا لم يدخل الربح في [ ص: 300 ] حكم الأصل ، إلا أن يكون نصابا ، وتحرير ذلك ، أن يقال : إنه نماء مال فيجري فيه الحول فوجب أن يكون تابعا للنصاب كالسخال .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه قوله صلى الله عليه وسلم : لا زكاة على مال حتى يحول عليه الحول وهذا مال حال حوله ، فاقتضى أن تجب زكاته ولأن كل مال لم يعتبر نصابه في أثناء حوله ، لم يعتبر نصابه في أثناء حوله كالزرع لما لم يعتبر نصابه في أثنائه وقبل حصاده ، لم يعتبر نصابه في بدره ، وعكسه المواشي .

وتحرير ذلك ، أن يقال : إنه مال لا يعتبر نصابه في وسطه ، فوجب أن لا يعتبر في ابتدائه كالزرع ، ولأنه مال تجب الزكاة في قيمته ، فوجب أن لا يكون نقصان قيمته قبل الحول منقصا للزكاة ، كما لو نقصت في أثناء الحول فأما قياسهم على ما تجب الزكاة في عينه .

فالمعنى فيه : أن لما اعتبر النصاب في أثناء حوله اعتبر في ابتدائه ، ولما لم يكن النصاب معتبرا في أثناء حول العروض ، لم يكن معتبرا في ابتدائه ، وبمثله يجاب عن قياسهم على السخال

التالي السابق


الخدمات العلمية