الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وإذا التقى الختانان ، والتقاؤهما أن تغيب الحشفة في الفرج فيكون ختانه حذاء ختانها فذاك التقاؤهما كما يقال التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتضاما فقد وجب الغسل عليهما ( قال المزني ) : التقاء الختانين أن يحاذي ختان الرجل ختان المرأة لا أن يصيب ختانه ختانها وذلك أن ختان المرأة مستعل ويدخل الذكر أسفل من ختان المرأة . ( قال المزني ) : وسمعت الشافعي يقول : العرب تقول إذا حاذى الفارس الفارس التقى الفارسان " .

قال الماوردي : وهذا الذي وصفه من التقاء الختانين صحيح ، وذلك أن ختان الرجل هو ما بعد بشرة الذكر من الموضع المقطوع في الختانة ، والحشفة : هي الجلدة المقطوعة في الختان ، وأصلها عند موضع القطع من ختان الرجل ، وأما ختان المرأة فهو جلدة مستعلية فوق مخرج البول تقطع في الختانة ، لأن مدخل الذكر منها أسفل الفرج وهو مخرج المني ، والحيض وفوقه ثقبة هي مخرج البول وعليه جلدة تنطبق عليها ، وهي ختان المرأة وتلك الجلدة تقطعها الخافضة في الختانة وقد شبه العلماء الفرج بعقد الأصابع خمسة وثلاثين فعقد الثلاثين هي صورة الفرج وعقد الخمسة بعدها في أسفلها هي مدخل الذكر ، ومخرج الحيض والختان خارج منه في أعلى الفرج في التقاء الختانين هو أن تغيب بشرة الذكر في مدخله من الفرج حتى يصير ختان الرجل محاذيا لختان المرأة ، فذلك التقاؤهما وإن لم يتضاما فإذا انتهى ولوج الذكر في الفرج إلى هذا الحد فقد وجب الغسل عليهما وإن كان دون ذلك فلا غسل عليهما إلا أن ينزلا ، فإن كان مقطوع الذكر من حد الختان فالذي نص عليه الشافعي في كتاب الإملاء إنه لا غسل عليها إلا بإيلاج ما بقي من الذكر كله فيصير حينئذ في حكم التقاء الختانين .

وقال بعض أصحابنا : إنه متى أولج من بقيته بقدر الحشفة التي كان يلتقي مع سلامتها وجب الغسل عليهما ، وصار في حكم التقاء الختانين ولهذا القول وجه والمحكي من المنصوص ما وصفنا فأما إذا كانت حشفة الرجل باقية لم تقطع في الختان فأولجها إلى الحد الذي يصير ختانه حذاء ختانها وجب الغسل عليهما ولا يكون بقاء الحشفة مانعا من [ ص: 212 ] وجوب الغسل ولكن لو لف على ذكره خرقة وأولجه إلى حد الختان فقد اختلف أصحابنا في وجوب الغسل منه إذا لم يتعقبه إنزال على وجهين :

أحدهما : أنه يوجب الغسل عليهما كما لو كان الذكر مستورا بالحشفة وأنه يولج الذكر والخرقة معه .

والوجه الثاني : أنه لا غسل عليه ، لأنه يصير مولجا في خرقة ولأن ذلك مانع من وصول اللذة وخالف الحشفة لأنها من الذكر ، ولا يمنع اللذة وكان أبو الفياض يفصل حال الخرقة فيقول : " إن كانت الخرقة كثيفة تمنع من اللذة فلا غسل وإن كانت خفيفة لا تمنع من اللذة وجب الغسل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية