الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو جحد ماله أو غصبه أو غرق فأقام زمانا ثم قدر عليه فلا يجوز فيه إلا واحد من قولين أن لا يكون عليه زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم قبضه : لأنه مغلوب عليه أو يكون عليه الزكاة لأن ملكه لم يزل عنه لما مضى من السنين فإن قبض من ذلك ما في مثله الزكاة زكاه لما مضى وإن لم يكن في مثله زكاة فكان له مال ضمه إليه وإلا حسبه فإذا قبض ما إذا جمع إليه ثبت فيه الزكاة زكى لما مضى " .

قال الماوردي : قد ذكرنا ضم المال المغصوب ، والمجحود وإن زكاته قبل عوده لا تجب ، وبعد عوده على قولين :

أحدهما : يزكيه لما مضى .

والقول الثاني : يستأنف حوله ، وقد ذكرنا توجيه القولين ، واختلاف حال السوم في الماشية ، وليست بنا إلى إعادته حاجة ولا إلى الإطالة به فاقة ، فلو دفن ماله فخفي عنه مكانه أحوالا ثم وجده ، فزكاته على قولين كالتائه . ومن أصحابنا من أوجب زكاته قولا واحدا ، قال : لأنه منسوب إلى التفريط في غفلته وقلة تحرزه ، ووجدت أبا علي بن أبي هريرة مائلا إليه ثم اختلف من قال بهذا الوجه هل يلزمه إخراج زكاته قبل وجدانه ؟ على وجهين :

[ ص: 315 ] أحدهما : يلزمه إخراج زكاته قبل وجدانه وظهوره .

والثاني : لا يلزمه إخراج زكاته إلا بعد ظهوره كالغائب ، والصحيح أنه في حكم المغصوب والتائه فلا يلزمه إخراج زكاته قبل ظهوره ، وبعد ظهوره على قولين ، ولو كان خفاء المكان المنسوب ، إلى تفريطه موجبا لزكاته لكان المال وضياعه موجبا لزكاته : لأنه منسوب إلى تفريطه ، فلما كان زكاة التائه على قولين وإن كان فيه مفرطا فكذلك زكاة ما نسي مكانه من المدفون على قولين وإن كان فيه مفرطا والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية