الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن كانت اللقطة من جنس ما لا زكاة فيه كثوب أو عرض فعرفها الواجد الملتقط حولا فإن ظفر بصاحبها فردها عليه فلا زكاة عليه ، وإن لم يظفر به ولا عرفها فله حالان :

أحدهما : أن يضعها في يده أمانة ، فلا زكاة عليه بحال لا على واجدها ، ولا على مالكها : لأن الزكاة غير جارية فيها .

والحالة الثانية : أن يتملكها إما باختيار تملكها أو بنقل عينها ، فقد انتقل حق مالكها من عينها إلى بدلها ، وذلك على ضربين :

أحدهما : أن يكون ذا مثل كالمتماثل الأجزاء من الحبوب والأدهان فلا زكاة فيها على مالكها ، لأنها أعيان غير مزكاة .

والضرب الثاني : أن لا يكون له مثل فلمالكه قيمته ، والقيمة مما فيها الزكاة لأنها دراهم ، أو دنانير ، لكن لا زكاة على الواجد فيها بحال ، لأنها قبل نقل عينها غير مزكاة ، وبعد نقل عينها غير موجودة فأما مالكها ، فإن كانت قيمتها أقل من نصاب ، فلا زكاة عليه فيها بحال إذا لم يملك معها تمام النصاب ، وإن كانت نصابا فلا زكاة عليه قبل أن يتملكها الواجد ، فأما بعد أن يملكها فيكون وجوب الزكاة على ما مضى من اعتبار يسار الواجد وإعساره ، فإن قيل : فهو لم يختر نقل ماله إلى ما تجب فيه الزكاة فلم أوجبتموها عليه بغير اختياره ، قيل : ما تجب فيه زكاة العين لا يعتبر في وجوب زكاته قصد المالك واختياره ، ألا ترى لو كان له حنطة بذرتها الريح في أرضه فثبتت خمسة أوسق لزمه عشرها ، وإن لم يقصد بذرها ولم يختر زرعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية