الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما زكاة مال الغنيمة إذا حال الحول قبل القسمة ، فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون الغانمون قد تملكوها ، فإن لم يتملكوها حتى حال الحول فلا زكاة فيها سواء كانت جنسا أو أجناسا عزل منها الخمس أم لم يعزل لأنها لم تصر ملكا للغانمين ، ولا لقوم معينين وإن تملكها الغانمون فعلى ضربين :

أحدهما : أن تكون أجناسا مختلفة ، فلا زكاة فيها سواء كان جميع أجناسها مما تجب فيه الزكاة ، أو كان بعضه مما لا تجب فيه الزكاة : لأنه ليس أحد الأجناس بعينه ملكا لرجل من الغانمين بعينه : لأن للإمام أن يقسمها بينهم قسمة تحكم موقوفة على نظره ، فيعطي بعضهم ورقا وبعضهم ذهبا وبعضهم إبلا وبعضهم عرضا .

والضرب الثاني : أن تكون الغنيمة جنسا واحدا ، فإن كان ما لا تجب فيه الزكاة كالخيل والسبي والعروض ، فلا زكاة فيها ، وإن كانت ذهبا أو فضة أو ماشية سائمة ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون خمسها معزولا لأهل الخمس فزكاتها واجبة ، لأنها ملك لجماعة تجب عليهم الزكاة ، فوجب أن تجب فيها الزكاة كالأموال المشاعة بين الشركاء .

والضرب الثاني : أن يكون الخمس باقيا فيها ففي وجوب زكاتها وجهان :

أحدهما : وهو قول أصحابنا البصريين : لا زكاة فيها وهو بنص الشافعي أشبه : لأنه قال في تعليل إسقاط الزكاة عن الغنيمة : " لأنه لا ملك لأحد فيه بعينه ، وإن للإمام أن يمنعهم قسمة إلى أن يمكنه ، ولأن فيها خمسا " .

والوجه الثاني : وهو قول أصحابنا البغداديين : الزكاة فيها واجبة وهو عندي في الحكم أصح : لأن مشاركة أهل الخمس لهم لا تمنع وجوب الزكاة عليهم ، كما أن مشاركة المكاتب والذمي لا تمنع وجوب الزكاة على المسلم الحر .

التالي السابق


الخدمات العلمية