الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وتغتسل الحائض إذا طهرت والنفساء إذا ارتفع دمها " .

قال الماوردي : وقد مضى الكلام فيما يوجب الغسل مما يشترك فيه الرجال والنساء ، فأما الآخران اللذان يوجبان الغسل على النساء دون الرجال .

فأحدهما : انقطاع دم الحيض .

والثاني : انقطاع دم النفاس .

فأما وجوب الغسل من انقطاع دم الحيض فبقوله تعالى : ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله [ البقرة : 222 ] . يعني بقوله : فإذا تطهرن : يعني : " اغتسلن " وقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ، فأما دم النفاس فلما كان حكم دم الحيض في [ ص: 217 ] الصلاة والصيام وسائر الأحكام كان كدم الحيض ، في وجوب الغسل على أن وجوب الغسل منه إجماع فلو ولدت الحامل ولدا لم تر معه دما ففي وجوب الغسل عليها وجهان :

أحدهما : لا غسل عليها لعدم موجبه من الدم .

والوجه الثاني : عليها الغسل ، لأن الولد مخلوق من مائها . قال الله تعالى : فلينظر الإنسان مم خلق ، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب [ الطارق : 5 ، 6 ، 7 ] . يعني أصلاب الرجال وترائب النساء ، وقال : من نطفة أمشاج نبتليه [ الإنسان : 2 ] . يعني اختلاطا ، فإذا ولدت والولد مخلوق من مائها فقد أنزلت والإنزال ، موجب للغسل ، فكذلك ولادتها موجبة للغسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية