الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن دخل عليه شوال وعنده قوته وقوت من يقوت ليومه وما يؤدي به زكاة الفطر عنه وعنهم أداها " .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

زكاة الفطر تجب بما فضل عن قوته يومه وليلته فإذا كان عنده قوته وقوت من يلزمه

قوته في يومه وليلته ، وفضل عن ذلك قدر فطرته فقد لزمته زكاة الفطر .

وبه قال من الصحابة علي وأبو هريرة رضي الله عنهما .

ومن التابعين عطاء وابن سيرين ومن الفقهاء مالك وأبو ثور .

[ ص: 372 ] قال أبو حنيفة : لا تجب زكاة الفطر إلا على من معه نصاب تجب فيه الزكاة ، فاعتبر إحدى الزكاتين بالأخرى استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم فجعل الغني مأخوذا منه والفقير مردودا عليه ، فلم يجز أن يجعل الفقير مأخوذا منه كما لم يجز أن يجعل الغني مردودا عليه ، قال : ولأنها صدقة تتكرر بالحول ، فوجب أن يراعى فيها النصاب كسائر الصدقات قال : ولأنه ممن تحل له الصدقة باسم الفقر ، فوجب أن لا تلزمه صدقة الفطر ، كمن لم يفضل من قوته شيء والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه عموم حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس ولم يفرق بين غني وفقير .

وروى الزهري عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " فرض زكاة الفطر صاعا عن كل حر وعبد ذكر وأنثى صغير أو كبير غني أو فقير أما الغني فيزكيه الله وأما الفقير فيرد الله عليه أكثر مما أعطى " ، فدل على وجوبها على الفقير ، ولأنه حق في مال لا يزيد بزيادة المال ، فوجب أن لا يعتبر فيه وجود النصاب قياسا على الكفارات ، ولأنه واجد فضلة عن قوت يومه فوجب أن يلزمه إخراجها قياسا على من معه نصاب .

فأما الجواب عن احتجاجه بالخبر فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد به تنزيه الفقراء ، فلم يجز أن يعدل به عما قصد له على أنه محمول على زكاة الأموال ، وأما قياسه على سائر الصدقات ، فالمعنى في اعتبار النصاب فيها زيادتها بزيادة المال ونقصانها بنقصانه ، وأما قياسه على من لم يفضل من قوته شيء فالمعنى فيه أنه غير قادر عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية