الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ويتفرع على هذا الأصل واختلاف الأوجه الثلاثة فيه فروع خمسة :

فالفرع الأول منها : صورته في جنب غسل بعض بدنه للجنابة ثم أحدث قبل تمام الغسل فلا يخلو أعضاء الوضوء من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن تكون أعضاء وضوئه من جملة الباقي من بدنه الذي لم يغسله من جنابته ، فهذا يتمم غسل الباقي من بدنه ، ويجزيه عن جنابته وحدثه ، ولا يلزمه ترتيب أعضاء الوضوء في باقي غسله ، لأن الحدث طرأ عليها ، وحكم الجنابة لم يزل عنها فلم يكن للحدث تأثير ، ولم يستحق لأجله ترتيب .

والحالة الثانية : أن تكون أعضاء وضوئه قد غسلها قبل حدثه فهذا بالخيار بين أن يتمم باقي غسله ثم يتوضأ مرتبا من بعده ، فيكون غسل باقي البدن لتمام الغسل من جنابته ، واستئناف الوضوء لما طرأ من حدثه ، وبين أن يستأنف غسل جميع جسده فيجزئه عن جنابته وعن حدثه : لأنه لو فعل ذلك قبل أن يتقدم غسل بعض الأعضاء أجزأ فإذا فعله بعد غسل بعضها أولى ، لكن هل يلزمه إذا استأنف غسل جميع جسده أن يرتب أعضاء وضوئه في غسله أم لا ؟ على وجهين من المحدث إذا اغتسل بدلا من وضوئه هل يسقط حكم الترتيب أم لا ؟ على وجهين مضيا .

والحال الثالثة : أن يكون قد غسل بعض أعضاء وضوئه وبقي بعضها كأن أحدث بعد غسل وجهه وذراعيه وبقي رأسه ورجلاه ، فهو بالخيار بين أن يتمم غسله ثم يغسل وجهه وذراعيه مرتبا دون رأسه ورجليه ، لأن طروء الحدث كان بعد بقاء حكم الجنابة في رأسه [ ص: 223 ] ورجليه ، فلم يكن للحدث تأثير فيهما ، وأثر في الوجه والذراعين لزوال حكم الجنابة عنهما قبل طروء الحدث عليهما ، وبين أن يستأنف الغسل من أوله لا يلزمه فيه ترتيب الرأس والرجلين ، لبقاء حكم الجنابة فيهما ، وهل يلزمه ترتيب الوجه والذراعين أم لا ؟ على وجهين فمن اغتسل بدلا من الوضوء لأن الوجه والذراعين قد نزل عنهما حكم الجنابة فلحقهما حكم الحدث .

التالي السابق


الخدمات العلمية