الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو عقد رجل على أن غدا عنده من رمضان في يوم شك ثم بان له أنه من رمضان أجزأه " .

قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا صح عنده أن غدا من رمضان ؛ لأنه رآه وحده ، والقاضي لا يسمع قوله والقاضي أخبره بما يثق به من أهله وعبيده فنوى صيام الغد ، والناس على شك ثم بان لهم أنه من رمضان فقد أجزأه صومه ، ولا إعادة عليه ؛ لأنه دخل في الصوم عن دلالة ، واستفتح العبادة بغلبة الظن لا بالشبهة ، ألا تراه لو سمع أذان الظهر ، فاستفتح الصلاة بغلبة الظن أجزأه ، وإن لم يعلم يقينا دخول الوقت أجزأه ، ولو استفتحها على شبهة وشك لم يجزه ، وإن صادف الوقت ، فكذا الصيام مثله في الموضعين ، فأما إذا علم أن غدا من رمضان بحساب النجوم ، ومنازل القمر فنوى الصوم ، ثم بان للناس أنه من رمضان ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : يجزيه صومه ولا إعادة عليه ؛ لأنه استند إلى دلالة وقع له العلم بها .

[ ص: 423 ] والوجه الثاني : لا يجزيه وعليه الإعادة ؛ لأن النجوم لا مدخل لها في العبادات وأحكام الشرع ألا ترى أن النجوم ليست بشرط في العلم بدخول الشهر .

وفيه وجه ثالث : أنه إن علم ذلك من منازل القمر ، وتقدير شهره أجزأه ، وإن علمه بالنجوم لم يجزه .

التالي السابق


الخدمات العلمية