الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا وطئ المجنون زوجته ، وهي صائمة في شهر رمضان من غير خوف ولا إكراه ، فإن قلنا : إن الكفارة وجبت على الزوج وحده ، فلا كفارة عليهما لارتفاع القلم عمن وجبت عليه ، وإن قلنا إنها وجبت عليهما معا ففيها وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : الكفارة في مال الزوج لأنها جناية منه فأشبهت أروش جناياته .

والثاني : وهو قول أبي العباس : الكفارة في مالها ؛ لأن فعل المجنون لا حكم له ، وهي الجانية بتمكينها ، فأما إذا كان الرجل نائما فاستدخلت ذكره فإن قلنا : إن الكفارة وجبت على الزوج وحده ، فلا كفارة على واحد منهما ، وإن قلنا : إنها وجبت عليهما فالكفارة عليها دونه ؛ [ ص: 430 ] لأن النائم لا قصد له ولا فعل ، وإنما الفعل لها ولكن لو كانت هي المجنونة ، أو النائمة والزوج عاقلا مستيقظا فوطئها ، فعليه الكفارة بكل حال ، ولا قضاء عليها ، وقال أبو حنيفة : في النائمة عليها القضاء ولا كفارة ، وقال مالك عليها القضاء والكفارة ، والدلالة عليهما قوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث " ذكر فيهما النائم حتى ينتبه ، ولأن ما لا يقع الفطر به ناسيا ، لا يقع الفطر به نائما كالأكل ، ولأن من لا يفطر بالأكل لا يفطر بالوطء كالناسي .

التالي السابق


الخدمات العلمية