الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن الفطر رخصة فالصوم أولى له إذا قدر عليه وقال مالك : الفطر أولى لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " وفي رواية " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه " قال وكما أن قصر الصلاة في السفر أولى من إتمامها كذلك الفطر أولى من الصيام ، ودليلنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كان له حمولة زاد فإذا شبع فليصم رمضان حيث أدركه " وروي أن عائشة رضي الله عنها لما فرغت من حجة الوداع فقالت : يا رسول الله صمت وما أفطرت وأتممت وما قصرت ، فقال لها : " أحسنت " فدل على أن الصوم أفضل ، ولأن الفطر رخصة والصوم عزيمة وفعل العزيمة أفضل من فعل الرخصة ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه " فضعيف عند أهل النقل ، وإن صح فلا دليل فيه ؛ لأنه أحب الأخذ بالرخصة والعزيمة ، وإذا أحبهما معا ، وكان أحدهما مسقطا لما تعلق بالذمة ، فهو أولى ، وأما قصر الصلاة فلقد اختلف فيه أصحابنا فقال بعضهم الإتمام أولى كالصوم ، وقال بعضهم : القصر أولى ، وإنما كان القصر أولى من الإتمام ، وأفضل ؛ لأنه لا يلزم فيه القضاء ، ولا يتعلق به إيجاب ضمان في الذمة وليس كذلك الفطر ؛ لأنه إذا أفطر تعلق بذمته ضمان القضاء فلذلك ما اختلفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية